ads image
علم 24 حرب الإبادة بغزة تدخل عامها الثاني
علم 24

مقالات

الاتجاهات الجديدة للأمن القومي لإسرائيل

04/02/2023 الساعة 02:18 (بتوقيت القدس)


بقلم: تمارا حداد - باحثة سياسية

لم تأت زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن المؤخرة إلى إسرائيل فيما ترك وفده في الأراضي المُحتلة لإرساء حالة الهدوء بعد ازدياد حالة التصعيد والتوتر فيها فقط وإنما إعادة الاتجاهات الاستراتيجية لوسائل الدفاع الإسرائيلي وبلورة سياسات هجومية انتقامية قبل حدوث أي تصادم بين الاحتلال والعمليات الفردية الفلسطينية بعد تصاعد وجودها بعد ما أثبتت أن الحالة الفردية ضد الاحتلال أكثر إيلاماً ووجعاً وأرقاً على دولة الاحتلال.

فمن هذا المنطلق قام الوفد الأميركي بصياغة توجهات تعمل على اقتلاع تلك العمليات من جذورها من خلال المتابعة والمراقبة وبالتحديد على مواقع التواصل الاجتماعي والتصنت على المكالمات الهاتفية بشكل دوري دون توقف.

تقوم الاستراتيجية الاميركية التي تم تقديمها لدى الاحتلال على أكثر من مسار ويأتي مضمونها أن الضفة الغربية والقدس ما زالت تحدي استراتيجي نظراً ان تلك المنطقتين بالتحديد في السنوات الأخيرة باتت ملاذاً للمقاوميين وفرصة لرفع وتيرة المقاومة واسترداد الحق الفلسطيني كون الساحتين اكثر تلاصقاً جغرافياً وديموغرافياً لدى الاحتلال وبالتحديد المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية.

والمضمون الآخر أن الاحتلال يعيش في بيئة أمنية خطيرة من الشمال متمثلاً بلبنان وسوريا والجنوب قطاع غزة والشرق الضفة الغربية، فتلك المناطق بالنسبة لاحتلال مكاناً لأذرع إيران، فلذا تم صياغة استراتيجية جديدة ابتدأت بزيادة الانفاق العسكري واقتناء أسلحة جديدة وتعزيز الشراكات العسكرية والتدريب المشترك بين اميركا والاحتلال واستمرار المناورات كالتي حدثت في الآونة الاخيرة لتوجيه ضربات مضادة استباقية محددة قصيرة المدة وهذا ما حدث لقطاع غزة بضرب منشآت تعتبرها مواقع لتصنيع الصواريخ وكما حدث لايران بضرب صواريخ مشتركة بين امريكا والاحتلال ضد المنشآت ذات البعد النووي ناهيك عن التجهز لحرب قادمة سواء محلية أو اقليمية إن وافقت بعض الدول العربية على خوض غمار الحرب مشتركة مع الاحتلال، لكن بعد طلب اميركا من تلك الدول رفضت وتجنبت الدخول بحرب اقليمية شاملة وذلك لمعرفتهم يقيناً أن الحرب ليست مُوجهة لإيران وإنما لاضعاف الدول العربية والاستمرار في مشروع الشرق الأوسطي الجديد برئاسة إسرائيل بفرض فوضى خلاقة بنمط جديد وفكرة جديدة.  

لذا قامت الولايات المتحدة الاميركية بزيادة الانفاق العسكري لدى الاحتلال من خلال وضع خطة قياسية تبلغ نحو 320 مليار دولار للسنوات القادمة، وتقديم لها صواريخ بعيدة المدى تفوق سرعتها سرعة الصوت يمكنها استهداف المواقع العسكرية المضادة ناهيك عن استخدام الطائرات المسيرة حفاظاً على سلامة الضباط الاسرائيليين.

الشراكة الأميركية الاسرائيلية لم تتوقف عند حد الشراكات العسكرية بل التوسع مع شراكات دول أخرى لاعطاء الضوء الاخضر لترجمة الأقوال إلى أفعال هجومية سواء على المستوى الفلسطيني أو على المستوى الإقليمي وهذا ما تم البدء به من زيارة نتنياهو إلى فرنسا ولقاء ماكرون.

صحيح أن اسرائيل استطاعت تسليح داخلها العسكري إلا أن واقعها السياسي ما زال يعيش مخاضاً عسيراً لتغيير الواقع الإسرائيلي الداخلي من خلال تغيير قوانين اساسية والتي تعتبر تغيُر في دستور الاحتلال وهذا ما يقلق الولايات المتحدة الامريكية في الاستمرار في عملية تغيير النهج الحالي لما له ضرر على مستقبل الاحتلال ومستقبل المشروع الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط لكن وجود الوفد الأميركي الذي بقي في الأراضي المحتلة هو لضبط ايقاع الأزمة الداخلية للتفرغ لأمور تأتي في سياق مسار التقاء المصالح الاسرائيلية العربية والتغلغل في الوطن العربي بعد فشل اميركا نحو استكمال اضعاف الوطن العربي بعد توقف قطار الفوضى الخلاقة عند حد سوريا والعراق واليمن وليبيا.

فأصبح المسار الدبلوماسي أرخص ثمناً وأكثر جدوى بالنسبة لاميركا لاختراق الدول العربية وزرع مواقع استخباراتية امنية في كل دول عربية لأخذ المعلومات عن تلك الدول ومعرفة أبرز الأزمات لرفع وتيرتها فمثلا على صعيد الواقع الاقتصادي لرفع وتيرة الديون الخارجية وخفض قيمة العملة المحلية لابقاء حالة الضعف والارتهان لقروض البنك الدولي مستمرا كما حدث في بعض الدول العربية.

أصبح الدور الآن على دول الخليج لاضعافها بشكل مسبوق وبالتحديد ان دول الخليج الأكثر أماناً للغذاء وفقاً لمؤشر الأمن الغذائي العالمي والذي يأخذ بعين الاعتبار مدى توافر الامدادات الغذائية والقدرة على تحمل تكاليفها وحافظت على أمنها الغذائي خلال الحرب الروسية الاوكرانية بسبب غناها براس المال وليس لديها قيود على النقد الاجنبي لاستيراد المواد الغذائية ومن ثم فإن الاستقرار المالي لدول مجلس التعاون الخليجي أتاح لها دورة شرائية عالية جعلتها أقل عرضة لمخاطر تقلبات أسعار الغذاء من مصادر استيراده من الخارج ومكنتها من سد فجوة الانتاج المحلي ونتيجة لذلك تم تصنيف دول مجلس التعاون الخليجي الست في عام 2018 على أنها الأكثر أمانا غذائيا في المنطقة العربية.

كما أن دول الخليج بدأت ببلورة حلفائها والاتجاه نحو روسيا والصين وهذا ما لا يقبله الامريكان وربيبتها اسرائيل وهو ما يقوض مستقبلا تواجد القواعد الأميركية في المنطقة واحلال القواعد الصينية والروسية في المنطقة.

فمنطقة الشرق الأوسط ما زالت بؤرة الثروات وبؤرة صراع الدول العظمى على تقوية نفوذ كل منهم في المنطقة، لذا تسعى الولايات المتحدة الأمريكية في بلورة المسار التطبيعي مع الدول العربية بالتحديد في منطقة الشرق الأوسط لترسيخ الهيمنة الامبريالية الاستعمارية بشكل جديد واستراتيجية جديدة ولا رؤية مستقبلية لحل القضية الفلسطينية فهي ما زالت الملف الأمني لدى وزارة الجيش الاسرائيلي الذي يتم التعامل معه أمنيا من خلال خطط القضاء على المقاومة وضرب هجمات استباقية هجومية قبل حدوث اي عملية مستقبلية ولا أفق سياسي في المنظور القريب أو المتوسط أمام ضعف البيت الفلسطيني الذي أصبح أوهن من بيت العنكبوت