ads image
علم 24 413 يوماََ و #غزة_تُباد
علم 24

مقالات

انتفاضة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

09/01/2023 الساعة 06:36 (بتوقيت القدس)

بقلم: بكر أبو بكر

كثيرًا ما تساءل الأخوات والأخوة في الدورات التدريبية التي نعقدها عن كيفية أن يتفرغوا للقراءة أو يقتطعوا من وقت انهماكهم في مشاغلهم الحياتية العادية، أو الافتراضية على الشابكة (internet) وخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي؟

قال لي أحد  الشباب المتدربين أنه لا يستطيع أن يتخلى عن هاتفه النقال ولو للحظة؟

نزعته منه فكاد يجن،!

إنه ربما يكون مصاب كما يقول علماء النفس ب"النوموفوبيا"، اختصاراً لـ"no-mobile phobia"، وهو بالعربية "رهاب فقدان الهاتف المحمول" أو عدم القدرة على استخدامه. وكما يقول د.أدم أيدن: أن مثل هذا الشخص"يتصفّح هاتفه كل 15 دقيقة، ويتأكّد من أنّ هاتفه بجانبه 150 مرة في اليوم"!؟

ومن ذاك اليوم بدأنا نحاول أن نفرض في دوراتنا إما جعل الهواتف على الصامت، أو أن يضع المتدربون هواتفهم في سلّة خارجية.

لك أن تقدر كم هو حجم النظرات النهمة الى سلّة الهواتف حين طبقنا تجربة سحبها منهم؟ ما اضطرنا لاعادتها لهم بتعليمات الوضع على الصامت؟

إن الارتباط المرضي بالهاتف خطير.

يقضي الكثيرون ساعات عدة بالنظر في التطبيقات حيث يصل معدل النظر الى أكثر من 100 مرة بالوضع العادي؟ فما بالك بالوضع المسِف او المفرط بالتواصل الاجتماعي؟

كيف نستطيع أن نقتطع من وقتنا ما يؤهلنا للقراءة العميقة، والاستزادة والتفكير والتأمل واكتساب الوعي وإدارة الذات؟

هذه كانت الأسئلة المحقة للكثير من  الأخوات والاخوة المتدربين في أكاديمية فتح الفكرية، لاسيما وأن الشابكة والعم "جوجل" قد جمّد العقول عند حد ما يقوله، ولأن وسائل التواصل (هي التبعثر الذاتي والاجتماعي بالحقيقة) قد فعلت فعلها في كيمياء الدماغ الذي أصبح مأسورًا لهذه الوسائل بطريقة أبعدت الكثيرين عن الوعي والفهم الى مربع الجهالة.

إن إفراز "الدوبامين" بالدماغ أو جهاز المكافأة والشعور بالرضا المتأتي من متعة المكافأة بالاعجابات..الخ يفعل مفاعليه العاطفية في ظل التدفق اللانهائي من الاتصالات فكيف الفكاك منه؟!.

مربع الجهالة أصبح مغرقًا بالمعلومات؟

تصور الجهالة بالإغراق بالمعلومات (التدفق اللانهائي)، لماذا؟

لأن الغرق بالمعلومات هو بالحقيقة تساوق وعدم قدرة على معرفة الغث من السمين، وانعدام قدرة على التمييز بين الحق والباطل، وخطر داهم على العقل (المتقبل) لأي شيء لمجرد أنه يوافق هوى الشخص!؟ فيجمد العقل وأداة الفرز والتمحيص والتنخيل والفلترة الواجبة ما هو علم يتم تعلمه بل ويجب ضمن فكرة المنهج البحثي، والإغراق بالمعلومات على شكل دفقات متتابعة يجمد النقد لصالح الفكرة المتدفقة التي تتسق مع رغبة الشخص العاطفية، وليس بمقدار صحتها التاريخية أو المنطقية او العلمية البحثية؟

كيف نستطيع الخروج من بوابة الانجراف نحو قاع الحقيقة ومحيط الجهالة بالإغراق المعلوماتي، وفي غالبه الدعائي المخطط له من جهات ذات أهداف وخطة؟

وكيف نستطيع التوقف عن التصفح المتكرر بشكل مفرطflipping  وتقليب الصفحات بحيث تدخل الدماغ ألاف الاخبار وقليل من المعلومات، ولا يتبقى منها أكثر من 3 كما يقول العلماء وهي قدرة الدماغ على إبقاء المعلومات من السيل المتدفق غير المنقطع عبر التقليب المستمر؟

كيف ننتفض أو نثور على الشابكة internet وعلى العم جوجل google وأخوته الآخرين من محركات البحث المريحة نظريًا؟ والمضللة أو الناقصة فعليًا. إننا نثور لذاتنا نحن اولًا.

كيف ننتفض على شركة "فيسبوك" التجارية، وعلى تطبيق تك توك وغيرها؟

تساؤلات محقة وإجابتها الواضحة لا تكون الا بامتلاك مهارات محددة (أو النية والرغبة الصادقة لامتلاكها ثم الانطلاق...) ما سنشير اليه.

المنطلق يأتي من الإرادة الصلبة،  وبدونها فقيمة الأشياء ألا تتسم بالديمومة.

إن الإرادة عزم وتصميم ذاتي، يعقب القناعة الذاتية أو الموجهة بضرورة التغيير من حال الى حال، ويحتاج لخطوات قصيرة يومية متصلة من المثابرة التي بدونها فلا تغيير يحدث ولاقدرة على الانتقال من حالة فقيرة الى أخرى ثرية.

أشرنا في كثير من كتاباتنا سواء الشخصية أو تلك التي أصدرتها أكاديمية فتح الفكرية أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية الى أهمية البناء الذاتي وتمارين العقل وتطوير الشخصية والخروج من مستنقع السلبية والانجراف وراء إمضاء الوقت، وغالبا بلامعنى ضمن  التنميط للعقل في مستنقع وسائل التواصل الاجتماعي، فكان رد الغالبية من المتفتحين نحو النور أننا يجب أن نقرأ!

ومهما كتبنا سابقًا عن الموضوع فإننا نعود وبشكل جديد لنحاول أن نتعلم معا كيف نبتعد عن الإغراق المعلوماتي والدعائي والإخباري بما فيه من زيف كثير، وقليل حقيقة لمحيط الاستغراق في القراءة العمودية العميقة. يجب أن نتعلم انتشال أنفسنا من المستنقع اللانهائي من المعلواتصالات، ونسبح لشط الأمان فنتعلم القراءة العميقة، ونركز ونواصل. ولكن كيف وهو ما سنحاول أن نجيب عليه لاحقًا.