ads image
علم 24 412 يوماََ و #غزة_تُباد
علم 24

عربي ودولي

تفاصيل اقتحام شرطة نيويورك لجامعة كولومبيا واعتقال عشرات المؤيدين لغزة

01/05/2024 الساعة 05:07 (بتوقيت القدس)

واشنطن: اقتحم المئات من شرطة مدينة نيويورك، اليوم الأربعاء، الذين يرتدون معدات مكافحة الشغب في اعتقال المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، والذين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة "وإنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية" في جامعة كولومبيا, أمس الثلاثاء، بعد حوالي 20 ساعة من احتلال المتظاهرين لمبنى "هاميلتون" في الحرم الجامعي، مما أدى إلى تصعيد الأزمة التي استهلكت الجامعة وأشعلت النشاط الطلابي في عشرات الجامعات في جميع أنحاء البلاد.

وجاء هذا الإجراء بعد أسبوعين تقريبًا من اعتقال الشرطة لأكثر من 100 متظاهر نصبوا خيامًا في حرم الجامعة في منطقة "مانهاتن العليا". وأثار تصرف الشرطة غضب العديد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، الذين نصبوا خيامًا جديدة على الفور تقريبًا. ومنذ ذلك الحين، أصبح المعسكر أكبر من المعسكر الأصلي.

ولا تزال مجموعة من ضباط الشرطة التي اقتحمت، واحتلت جامعة كولومبيا خارج مدخل قاعة هاملتون، فيما يواصل المحتجون الهتاف "فلسطين حرة، حرة" تحت المطر من الجانب الآخر من المبنى.

وصرح كارلوس نيفيس، مساعد مفوض الإعلام بقسم الشرطة، لمجموعة من المراسلين خارج حرم جامعة كولومبيا إنه "لم يتم استخدام الغاز المسيل للدموع داخل الحرم الجامعي". وأضاف للتأكيد: “إن شرطة نيويورك، لا يستخدم الغاز المسيل للدموع".

وبعد لحظات من دخول الشرطة حرم جامعة كولومبيا، قالت الجامعة في بيان نمطي: "نأسف لأن المتظاهرين اختاروا تصعيد الوضع من خلال أفعالهم"، مضيفة "بعد أن علمت الجامعة بين عشية وضحاها أن هاملتون هول قد تم احتلالها وتخريبها وحصارها، ولم يبق لنا أي خيار".

وأضافت الجامعة: "لن نخاطر بسلامة مجتمعنا أو احتمال حدوث المزيد من التصعيد" في إشارة على عزة إدارة الجامعة تصعيد المعركة ضد الطلاب الذين يطالبون بحق التظاهر، وسحب الاستثمارات من إسرائيل، والعفو عن الطلبة الذين فصلوا والذين اعتقلوا.

ونقلت شبكة "إن بي سي" عن الشرطة أنه تم اعتقال نحو 100 شخص وإخلاء قاعة هاميلتون، التي أطلق عليها المحتجون "قاعة هند" تكريما لطفلة فلسطينية في السادسة من عمرها استشهدت في الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة.

وقالت الجامعة في بيانها إن فريق القيادة، الذي ضم مجلس الأمناء، اجتمع طوال الليل وحتى الصباح الباكر، وتشاور مع خبراء أمنيين وجهات إنفاذ القانون لتحديد "أفضل خطة لحماية طلابنا وكولومبيا بأكملها".

وقالت الجامعة “لقد اتخذنا قرارًا، في وقت مبكر من الصباح، بأن هذه مسألة تتعلق بإنفاذ القانون، وأن شرطة نيويورك في وضع أفضل لتحديد وتنفيذ الاستجابة المناسبة".

دخل العشرات من ضباط وحدة خدمة الطوارئ إلى حرم مورنينجسايد هايتس في الساعة 9:13 مساءً، ولكن تم منعهم من دخول المبنى المحصن من خلال الباب الأمامي.

وبدا العديد من المتظاهرين غير منزعجين عندما وقفوا في المدخل ولم يكن هناك سوى لوح زجاجي بينهم وبين الضباط – بينما كان رفاقهم في الشوارع يهتفون "الخنازير!"

وذلك عندما أمرت شرطة نيويورك بنقل نظام المنحدر المتنقل القابل للتعديل (MARS) إلى نافذة الطابق الثاني، مما أدى إلى إرسال سيل من رجال الشرطة الذين يرتدون معدات مكافحة الشغب ويحملون أصفادًا.

وفي غضون 20 دقيقة فقط، قامت الشرطة باعتقالات متعددة. تم إخراج المتظاهرين – الذين غطى العديد منهم وجوههم بأقنعة جراحية أو الكوفية – من هاميلتون هول وتم تحميلهم على ثلاث حافلات تابعة لشرطة نيويورك.

وواصل العديد من المتظاهرين الصراخ من أجل "إنقاذ غزة" و "فلسطين حرة حرة" .

وتمركز الضباط أيضًا أمام مساكن خارج الحرم الجامعي وتم الترحيب بهم بصيحات معادية مثل "شرطة نيويورك، كو كلوكس كلان (تنظيم عنصري)؛ قوات الاحتلال! كلهم متشابهون!"

وأصدرت جامعة كولومبيا بيانا بعد 15 دقيقة فقط من دخول رجال الشرطة إلى الحرم الجامعي، قائلة إنها "تأسف" اضطرارها إلى الاعتماد على الشرطة لإزالة الفوضى.

وكان قد حاصر العشرات من المتظاهرين الطلاب، "هاميلتون هول" و أذرعهم مقيدة بينما بدأت الشرطة بالانتشار خارج المبنى وتطهير المنطقة. ولوح الناس داخل المبنى بالأعلام الفلسطينية من النوافذ.

وكانت الاعتقالات الأخيرة بمثابة تصعيد للاضطرابات في الحرم الجامعي، الأمر الذي ألهم مظاهرات مماثلة في جميع أنحاء البلاد. وأثار المشهد مقارنات مع ما حدث عام 1968، عندما احتلت العدالة العرقية والمحتجين الطلابيين المناهضين للحرب نفس المبنى لأكثر من أسبوع قبل أن تقوم شرطة نيويورك بإزالته

وقال عمدة المدينة إريك آدامز (وهو شرطي سابق) خلال مؤتمر صحفي مع كبار ضباط شرطة نيويورك ليلة الثلاثاء: "نعتقد أنهم الآن يختارون بنشاط ما ينبغي أن يكون تجمعًا سلميًا”. "هذا لخدمة أجندتهم الخاصة. إنهم ليسوا هنا لتعزيز السلام أو الوحدة أو السماح بالعرض السلمي لصوت واحد، لكنهم هنا لخلق الخلاف والانقسام".

ووقف المتظاهرون خارج حاجز في شارع 113 غرب وبرودواي وهم يهتفون “فلسطين حرة، حرة!” و"اسحبوا لن نتوقف ولن نهدأ"! و"المقاومة تكون مبررة عندما يتم استعمار الناس!". .

وكانت هناك بعض اللحظات المتوترة عندما دخل ضباط يرتدون معدات مكافحة الشغب إلى المنطقة المحصنة وسط استهزاء وصيحات من المتظاهرين. وبعد الساعة التاسعة مساءً بقليل، هتف المتظاهرون “العار!” عندما مرت شاحنتان من شرطة نيويورك.

وبدأت الاحتجاجات بعد جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي يوم 17 نيسان الماضي تم فيها استجواب رئيسة جامعة كولومبيا (في مدينة نيويورك)، نعمت (مينوش) شفيق، وهي أميركية من أصول مصرية ، بصدد مسائلتها عن موجة "معاداة السامية " في حرم الجامعة بسبب احتجاجات صغيرة ومتفرقة من قبل طلاب مناصرين للقضية الفلسطينية، حيث أن أعضاء اللجنة النيابية (في الكونجرس) الجمهوريين، حاولوا وصم كل احتجاج ضد إسرائيل والحرب الإسرائيلية على غزة منذ السابع من تشرين الأول العام الماضي، بأنه معاد للسامية.

وإثر الجلسة في الكونجرس، والتي كان من المفترض أن تحدث في شهر ديسمبر الماضي، لكنها أجلت لأسباب شخصية لرئيس الجامعة شفيق، عادت (شفيق) إلى الجامعة واستدعت شرطة مدينة نيويورك لقمع الطلاب المحتجون، حيث تم اعتقال 108 طلاب من وسط حرم الجامعة، ما أشعل احتجاجات قطاع أوسع من طلبة الجامعة الذي عسكروا في الجامعة ورفضوا التعليمات بفض الاحتجاجات.

بعد ذلك، تعرضت رئيسة جامعة كولومبيا المحاصرة لضغوط متجددة عندما قامت لجنة الإشراف في الحرم الجامعي بتوبيخ حاد لإدارتها لقمعها مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في حرم الجامعة في نيويورك، كما واجهت (الرئيسة نعمت مينوش شفيق) استنكارا من العديد من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والمراقبين الخارجيين لاستدعائها شرطة نيويورك لتفكيك مخيم أقامه الطلاب المحتجون على الحرب الإسرائيلية على غزة في الحرم الجامعي.

وبعد اجتماع استمر ساعتين يوم الجمعة الماضي، (26/4) وافق مجلس شيوخ جامعة كولومبيا (المكون من أساتذة وطلاب) على قرار مفاده أن إدارة شفيق قوضت الحرية الأكاديمية وتجاهلت الخصوصية وحقوق الإجراءات القانونية الواجبة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس من خلال استدعاء الشرطة وإغلاق الاحتجاج السلمي.

وشبه بعض المحللين والمعلقين، اليوم بالأمس، ففي عام 1968، باتت جامعة كولومبيا واحدة من بؤر الاحتجاجات المناهضة للحرب الأميركية في فيتنام ، والتي حفزتها علاقة الجامعة بالمجمع الصناعي العسكري. فاحتل الطلاب خمسة مبانٍ واحتجزوا عميد الجامعة هنري كولمان كرهينة لمدة 36 ساعة (وهو ما لم يحدث حتى الآن) . وتم استدعاء الشرطة واعتقل المئات من الطلاب، ووقعت إصابات وسط أجواء من الإضراب، تلا ذلك استقالة رئيس جامعة كولومبيا، غرايسون كيرك. وبلغت الاحتجاجات المناهضة للحرب ذروتها خارج قاعات المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو، واعتُبرت هذه الاحتجاجات لاحقاً ضربة للحزب الديمقراطي ، وأحد الأسباب الرئيسية لانتخاب ريتشارد نيكسون في انتخابات عام 1968.

ولعل من باب الصدفة أن مؤتمر الحزب الديمقراطي ينعقد عام 2024 في شهر أغسطس في مدينة شيكاغو، وسط انقسام مشابه في الأوساط الديمقراطية بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.

بالتوازي وفي نفس الوقت، انتشرت الحركة المناهضة للحرب في فيتنام بسرعة كبيرة في جميع أنحاء العالم. فقد شهدت برلين الغربية مظاهرات حاشدة، وكانت فيتنام إحدى الشرارات التي أشعلت أسابيع من الاشتباكات في الشوارع خلال انتفاضة العمال والطلاب في أيار 1968 في باريس وفي جميع أنحاء فرنسا. وحتى يومنا هذا، ما زال بالإمكان مشاهدة آثار ثقوب الرصاص في حي ماريه بالعاصمة الفرنسية. وكانت حركة 68 مايو الاحتجاجية قصيرة الأجل من الناحية السياسية. استمر التمرد في باريس لمدة عشرة أسابيع فقط، على الرغم من أن الإليزيه شعر في مرحلة ما بأنه قريب جداً من فقدان السيطرة، مما دفع رئيسه آنذاك ديغول إلى الهروب من البلاد.

ومنذ انطلاق أولى الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية مع بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة إثر هجوم "حركة حماس" في السابع من تشرين الأول 2023 رأى المتظاهرون أنفسهم امتداداً للتظاهرات الواسعة التي انطلقت ضد حرب فيتنام عام 1968 . وفي مثال مباشر على استمرار نهج قديم في مناهضة الحرب بالجامعات الأميركية، نشرت مجموعة طلابية مؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا على "إنستغرام"، صورة قديمة لطلاب الجامعة نفسها عام 1968 رافعين لافتة مكتوباً عليها "المنطقة المحررة" خلال احتجاجاتهم على حرب فيتنام.

وكما كان الحال في الماضي، فإن الشباب الجامعي المشاركين في الجهود المناهضة للحرب، يعتقدون أن خطر التعرض للمساءلة والعقاب نتيجة مخالفة قواعد الانضباط التي ربما تفرضها الجامعات، يتضاءل مقارنة بالقضية التي يناضلون من أجلها.

ومثلما حدث من اعتقالات لمئات من الطلاب خلال الأسابيع الماضية في عديد من الجامعات الأميركية بعد أن أقاموا مخيمات بالجامعات، وطالبوا مؤسساتهم بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وسحب أموال أوقاف الجامعات من الشركات المرتبطة بإسرائيل، شهدت هذه الجامعات قبل 56 عاماً موجات اعتقال أوسع نطاقاً وأكثر قسوة، بعدما استدعت السلطات الحرس الوطني الأميركي والشرطة المحلية وشرطة الولاية ووصل الأمر عام 1970 إلى مقتل أربعة طلاب وإصابة تسعة في إحدى جامعات ولاية أوهايو بعد أن فتح الحرس الوطني النار على حشد من الطلاب كانوا يحتجون على حرب فيتنام.

وبالإضافة إلى التشابه الواضح في المواجهات مع قوات إنفاذ القانون ومطالب النشطاء من الطلاب وتصوراتهم العامة من القضايا التي يناضلون من أجلها، تبرز قضية حرية التعبير في صدارة الصراع، إذ لا تزال الاعتبارات نفسها المتعلقة بكيفية تحقيق التوازن بين الحاجة إلى الحفاظ على مساحة واسعة لحرية التعبير، وفي الوقت نفسه عدم التسامح مع العنف أو الاضطراب قائمة حتى الآن. وقد تجلى ذلك في استدعاء بعض الجامعات أخيراً قوات إنفاذ القانون بدعوى أن بعض الطلاب تجاوزوا حرية التعبير وأثاروا مزاعم بخوف الطلاب اليهود ما دفعهم إلى عدم الحضور لمتابعة نشاطهم الأكاديمي أو أن بعض شعارات الطلاب المؤيدين للفلسطينيين، عدت معادية للسامية، وسط أجواء ساخنة غذتها جزئياً جهود مجلس النواب الأمريكي من خلال عقد لجان استماع لقيادات جامعة كولومبيا، في أعقاب ضغوط سابقة أجبرت رئيستا جامعتي هارفرد وبنسلفانيا على الاستقالة بسبب اتهامهما بالتقصير في مواجهة الطلاب.

في وقت كان النضال فيه من أجل الحقوق المدنية في الستينيات قضية حاسمة لها آثار واسعة النطاق على جميع الطلاب، وصدى عميق مع مبادئ المساواة والعدالة حتى في الجامعات التي يهيمن عليها البيض، استفاد طلاب اليوم من احتجاجات حركة "حياة السود مهمة"، (وفقاً للكاتب تشارلز بلو في صحيفة "نيويورك تايمز")، ورغم الإمكانات الهائلة التي تمتلكها منظمات اللوبي الإسرائيلي العديدة ، انطلقت حركة مناصرة للقضية الفلسطينية ، سيصعب إطفاء حيويتها، خاصة وأن من أوجه التشابه بين الأمس واليوم، استخدام اليمين الأمريكي قواعد اللعبة نفسها التي استخدمها عام 1968 وهي السخرية من المتظاهرين باعتبارهم طلاباً جامعيين مدللين وساذجين بما لا يتماشى مع "الأمريكيين الحقيقيين"، بينما يتجاهل اليمينيون المحافظون جوهر الاحتجاجات التي ينظرون إليها على أنها جزء من الحروب الثقافية، خاصة في ضوء وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل جرائم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لحظة بلحظة.

ويرفض المتظاهرون إنهاء احتجاجهم قبل تلبية ثلاثة مطالب، هي سحب الاستثمارات في إسرائيل، والشفافية فيما يتعلق بالشؤون المالية للجامعة، والعفو عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الذين خضعوا لإجراءات تأديبية بسبب دورهم في الاحتجاجات.