ترجمات وتقارير
تقرير خاص|| هل إنتهت "الحرب" فعلاََ عند الغزيين؟
تقرير علم24 - براء لافي - غزة - بعد إنتهاء 5 أيام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر، والذي راح ضحيته 33 شهيداََ وأكثر من 145 جريحاََ، لربما تكون "الحرب" بالنسبة للبعض قد إنتهت وذلك بعد أن أعلن رسمياََ عن دخول "التهدئة" حيز التنفيذ السبت الماضي ليلاََ، ليكون بذلك "ربما" قد أزيح عبء كبير عن أكتاف مواطني القطاع خاصة بعد أن كانوا "مسجونين" أمام شاشات التلفاز لأكثر من 120 ساعة يتابعون خلالها الأحداث الجارية أولاََ بأول، ممتنعين عن ممارسة أي طقوس حياتية، لكن ومع ذلك هناك من ستبدأ الحرب في قلبه وهي الحرب الأشد حسرة والأكثر مرارة "حرب الفقدان" التي ستنخز وتؤلم قلوب من سرق منهم العدوان الإسرائيلي أحبتهم ورفقاء دربهم، وحجارة منازلهم التي بُنيت بعروق جبينهم .
(الشاب - محمد سعد) الذي أصبح حديثاََ للعالم خلال العدوان الإسرائيلي، وبكت عليه كل الأعين الإنسانية حين ظهر وهو يحمل بيده القرآن الكريم، ويجلس بجانب إحدى "الجثث" الملقاة بأرضية المسجد تمهيداََ لتشييعها، تارة يبكي وتارة أخرى يقرأ فوق رأسها ما تيسر من الأيات الكريمة، هو شاب غزي عشريني العمر، بينما كان ينتظر أن تزف إليه محبوبته الشابة - دانا عدس وذلك بعد شهر واحد فقط من الآن زُف إليه "نعشها" وذلك عقب استشهادها برفقة شقيقتها "إيمان" الأصغر منها، بقصف إسرائيلي طال منزلها البريئ سارقاََ شبابها وشباب شقيقيتها التي لطالما حلمت بأن تصبح "طبيبة"، راحلة بذلك تاركةََ "محمد" لحسرته .
يخبر "محمد سعد" وكالة "علم24" والدموع تملأ عيناه عن الحرقة التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي في قلبه وذلك بعد أن خطف الاحتلال الإسرائيلي بهمجيته حبيبة قلبه "دانا" قائلاََ: "غبت عنها مدة 15 دقيقة فقط لأتفاجئ بإتصال بأنها رحلت إلى الأبد ولن تعود" .. "ليلة استشهادها كنت عندها، سلمت عليها وتوجهت لمنزلي في وقت متأخر من الليل، والغريب تلك الليلة بأنني وفور خروجي من منزلي "إيمان" شعرت بنخزة أصابت قلبي لم أعرف سببها حينها، لأتفاجئ بعد 15 دقيقة فقط بأن دانيا رحلت" .
ويضيف بكلمات مبعثرة نظراََ لسوء حالته بصدمة عمره التي تلقاها: "الاحتلال أخد مني أغلى حاجة بحياتي، اش ذنبها دانيا؟ وأنا إيش ذنبي؟ إحنا مدنيين، أبرياء .. والله أبرياء، كنا بنحضر لعرسنا .. مفروض بعد شهر، بنحهزله مبسوطين .. اشترينا معظم مايتوجب! وأغلب مانحتاج لكنني الآن .. فقدت العروس ..." .
ويتابع: "مش مصدق .. مش قادر أصدق حاسس حالي شايفها حاسسها لسة معي" متسائلاََ: بماذا أذنبنا كي يسرق الاحتلال فرحتنا ؟!
أما والدها - علاء عدس فيقول والحسرة تملأ قلبه: "نحمد الله على كل إشي، فرحتنا الكبيرة إنهن بالجنة وهاد الي مصبرنا" .
ويضيف: "ليلة استشهاد بناتي كانت إيمان تحتضن اختها في سريرها حيث قررن ليلتها أن يبيتن سوياََ نظراََ للظروف المخيفة بغزة، فشاء القدر وأراد الله أن يرتقن بالشهادة سوياََ" .
ويتابع "عدس" : " لدي 3 بنات متزوجات يزورنني كل أسبوع مع أطفالهن، أحمد الله بأنهن لم يكونن متواجدات حينها وإلا لكنت خسرتهن جميعاََ .. " مشدداََ؛ على أن: "هذا الاجرام الإسرائيلي يجب أن يوثق .. يجب على العالم أجمع أن يرى إجرام الاحتلال الإسرائيلي ولو كان بيدي لكنت قاضيته بكل محاكم العالم وجئت بحق بناتي منه وبحق إجرامه تجاهنا كفلسطينيين" .
وفي حكاية أخرى مشابهة جداََ للحكاية الأولى مع اختلاف بأن هذه المرة الشابة "العروس" - "مي أحمد" هي من فقدت عريسها الشهيد - "سائد جواد فروانة" بقصف إسرائيلي همجي على القطاع .
إذ نشرت "مي" حكايتها قائلة: 29/8/2022 حين كان أسعد يوماََ على قلبي وذلك بعد أن توجت عروساََ وقدمني والدي إلى زوجي في يوم زفافي .
وتضيف: "في هذه اللحظة .. تخونني الكلمات وتكمل القصة دموعي، ففي ذلك اليوم توجت بالأبيض حياته ولكن واقعي اليوم أنني أرتدي الأسود لأن سائد قد رحل .. لقد أكرمنا الله بطفل في أحشائي لم ألده بعد، سيكون هنا بعد شهران من الأن بين أحضاني ولكن .. دون والده سائد" .
وتابعت: "ليشهد الله أنني عشت تسعة أشهر تحت جناح رجل تعجز كلماتي عن وصفه، زوج قدم لي فيما لا يتجاوز التسعة أشهر سعادة التسعين عام، حينما أتحدث عنك ياسائد يزيد إدراكي بأنك ممن خلقوا للشهادة على روعة معاملتك وحنانك وحبك وكرمك وعلمك وإخلاصك وبرك بوالديك وعطائك مع جميع من عرفك من الناس" "حينما أتحدث عنك .. أبكي كثيراً على فراقك وأتمنى وجودك في كل لحظة ولكن أبقى أردد بأنك ممن خلقوا للشهادة، في تلك الأيام أهديتني هدايا ثمينة وجميلة ولكن في يوم 9/5/2023 أهديتني ماهو خير وأبقى حيث أهديتني تاج الوقار .. توجتني زوجة الشهيد الذي أفخر بإسمه ولقبه" .. "ماذا أكتب بحقك يا سائد .. ماذا أكتب؟ لم أكن أعرف ولم أكن أتصور بأن هذا اليوم المعتم سيأتي وأنت لست معي ستكون هناك تحت التراب ولن تكمل معي الحكاية، ولن نخطط لحياتنا سوياََ .. سأكمل مع طفلي لوحدي، لم أكن أتخيل كل هذا أبداً ..."
وختمت "مي" بالقول: "وإني وعلى مرارة فراقك يا سائد والمكان الكبير الخالي الذي تركته بعدك وفي مثل هذا اليوم وفي كل عام سيمر وما زلت على قيد الحياة لا يسعني إلا أن أهنئك بشهادتك .. مثلك مكانه الجنة فالأرض ليست من مقامك
سائد .. زوجي .. هنئياً لك الشهادة .. هنئياً لك الشهادة" .
وشن الاحتلال الإسرائيلي الغادر فجر الثلاثاء 9/5/2023 عدواناََ على قطاع غزة المحاصر، استمر لمدة 5 أيام، وراح ضحيته أكثر من 33 شهيداََ وعشرات الجرحى بحالات متفاوتة .