ترجمات وتقارير
تقرير|| صالح العاروري .. قياديّ حماس الذي توقّع اغتياله وظلّ لاعباََ رئيسيّاََ حتى ذلك
غزة - علم24 - كان الشهيد صالح العاروري - نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، يتوقع اغتياله منذ فترة طويلة، قبل أن يستشهد، الثلاثاء، في ضربة بطائرة مسيرة إسرائيليّة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وجاء استشهاده بعد مرور نحو ثلاثة أشهر على عملية طوفان الأقصى المباغتة الذي شنّتها حماس، وبدء الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة عقبها .
وقال في آب/ أغسطس الماضي، بينما كان يحثّ أهال في الضفة الغربية المحتلة، على حمل السلاح، وسط تصاعد المقاومة: "بستنّى الشهادة، وحاسِس حالي طوّلت".
ويأتي استشهاده في لحظة حاسمة بالنسبة للحركة، إذ تحاول "إسرائيل" القضاء عليها عقب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
ويتهم الاحتلال الإسرائيلي صالح العاروري منذ فترة طويلة بشن هجمات دامية على مستوطنين، لكن مسؤولا في حماس قال إنه كان أيضا "في قلب المفاوضات" المتعلقة بنتائج حرب غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذي تتوسط فيه قطر ومصر.
وقال مستشار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو - مارك ريغيف، "أيا كان الفاعل فإنه ينبغي توضيح أنه لم يكن هجوما على دولة لبنان من فعل ذلك يوجه ضربة دقيقة لقيادة حماس".
وكان يُنظر إلى العاروري على أنه شخصية رئيسية في الحركة، إذ أنه كان العقل المدبر لعملياتها في الضفة الغربية من المنفى في سورية وتركيا وقطر، وأخيرا لبنان، بعد فترات طويلة في السجون الإسرائيلية.
وباعتباره مسؤولاََ كبيراََ بالحركة في لبنان، فقد لعب دورا مهما في تعزيز علاقات حماس مع حزب الله اللبناني، ومن خلاله مع إيران.
والتقى "العاروري" عدة مرات مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وكذلك مع مسؤولين إيرانيين في لبنان.
وقالت مصادر في حماس إنه عمل معهم لتنسيق المواقف بشأن الحرب في غزة.
وعُرف "العاروري" داخل حماس بأنه من أبرز المدافعين عن المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، وتمتع بعلاقات جيدة مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
وكان العاروري قد ساعد في تأسيس الجناح العسكري للحركة، كتائب عز الدين القسام، واتهمته إسرائيل بتدبير هجمات أسقطت قتلى على مر السنين.
وتقول سلطات الاحتلال الإسرائيلي إنه كان وراء خطف وقتل ثلاثة شبان إسرائيليين في الضفة الغربية في 2014، وهو العمل الذي أدى إلى هجوم إسرائيلي على غزة استمر لسبعة أسابيع، مما أودى بحياة 2100 فلسطيني.
التوسّع القويّ لحماس في الضفة :
مع استمرار احتلال إسرائيل للضفة الغربية، وتوسّع المستوطنات، وعدم وجود بصيص أمل في إقامة الدولة الفلسطينية، قال العاروري إنه "لا يوجد خيار آخر" سوى الانخراط في المقاومة الشاملة.
وكان أحد كبار مسؤولي حماس الذين يقفون وراء التوسع القوي للحركة في الضفة الغربية، حيث نفذ مسلحوها سلسلة من العمليات التي استهدفت مستوطنين على مدى أشهر مضت.
ووقعت عدة حوادث إطلاق نار العام الماضي، بعد وقت قصير من توجيه العاروري تهديدات لإسرائيل.
ومع وجود قادة الحركة في غزة؛ يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى في مخبأ عميق، شارك العاروري عن كثب في المفاوضات المتعلقة بالحرب.
وقال في كانون الأول/ ديسمبر، إنه لن يُطلق سراح المزيد من الرهائن، حتى يكون هناك وقف كامل لإطلاق النار.
وبصفته عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس تحت قيادة رئيسه والزعيم العام للحركة إسماعيل هنية، كان العاروري معتادا على الحوار، حتى ولو بشكل غير مباشر، مع أعدائه الإسرائيليين
وبعد وقت قصير من إطلاق سراحه من السجن في عام 2011، كان العاروري أحد مفاوضي حماس المشاركين في صفقة تبادل المحتجزين مع "إسرائيل" .
وولد العاروري بالقرب من رام الله في الضفة الغربية عام 1966، وكان من أوائل المنضمين للحركة عندما تشكلت عام 1987، عندما أطلق الفلسطينيون شرارة انتفاضتهم الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وعندما أُطلق سراح العاروري في عام 2007، سرعان ما عاد إلى النضال. وسُجن مرة أخرى حتى عام 2010، عندما أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية بإبعاده.
وأمضى العاروري ثلاث سنوات في سوريا، قبل أن ينتقل إلى تركيا إلى أن ضغطت "إسرائيل" على أنقرة لحمله على المغادرة في 2015.
وأقام منذ ذلك الحين في قطر ولبنان، وعمل من مكتب حماس في ضاحية بيروت الجنوبية حتى اغتياله في الضربة المفاجئة، الثلاثاء.
من هو صالح العاروري ... ؟
ولد صالح العاروري في بلدة عارورة الواقعة قرب مدينة رام الله في الضفة الغربية عام 1966، وأصبح عنصراََ أساسياََ في أنشطة المقاومة في منتصف الثمانينيات في جامعة الخليل، حيث درس الشريعة الإسلامية.
والتحق بجماعة الإخوان المسلمين وهو في سن مبكر، وقاد عام 1985 "العمل الطلابي الإسلامي" في جامعة الخليل.
ويدعي مسؤولون أمنيون في "إسرائيل" والولايات المتحدة، أن العاروري انضم إلى حماس بعد وقت قصير من تشكيلها في أواخر عام 1987 مع بداية "الانتفاضة الفلسطينية الأولى".
ويضيف هؤلاء: أن العاروري سرعان ما تدرج من كونه قائدا لكتلة طلابية داخل الحرم الجامعي إلى تأسيس كتائب القسام.
واحتجزت سلطات الاحتلال الإسرائيلية العاروري وسجنته ثلاث مرات، رغم أنه واصل نشاطه في حماس حتى أثناء وجوده في سجن عسقلان الإسرائيلي.
وخلال الفترة الممتدة بين عامي 1990 و1992، اعتقل الجيش الإسرائيلي العاروري إداريا (دون محاكمة) لفترات محدودة، على خلفية نشاطه بحركة حماس.
ويعتبر "العاروري" من مؤسسي كتائب "عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، حيث بدأ في الفترة الممتدة بين عامي 1991 و1992 بتأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية.
وفي عام 1992، أعاد جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقال العاروري، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة تشكيل الخلايا الأولى لكتائب القسام بالضفة.
وأفرج عن العاروري عام 2007، لكن الاحتلال الإسرائيلي أعاد اعتقاله بعد ثلاثة أشهر لمدة 3 سنوات (حتى عام 2010)، حيث قررت المحكمة العليا الإسرائيلية الإفراج عنه وإبعاده خارج فلسطين.
وفي عام 2003، صنفت وزارة العدل الأميركية العاروري كـ"متآمر في قضية تتعلق بتمويل الإرهاب"، لارتباطه بثلاثة من نشطاء حماس في شيكاغو.
وتم وصف العاروري في لائحة الاتهام بأنه "قائد عسكري رفيع المستوى في حماس، تلقى عشرات الآلاف من الدولارات مقابل أنشطة عسكرية بما في ذلك شراء الأسلحة".
وعقب الإفراج عنه عام 2010، تم اختيار العاروري عضواََ في المكتب السياسي لحركة حماس.
وبعد إطلاق سراحه اضطر العاروري إلى الانتقال إلى العاصمة السورية دمشق، للانضمام إلى قيادة حماس في المنفى هناك.
وكان العاروري أحد أعضاء الفريق المفاوض من حركة حماس لإتمام صفقة تبادل الأسرى عام 2011 مع إسرائيل بوساطة مصرية، التي أطلقت عليها حركة حماس اسم "وفاء الأحرار".
ومع اندلاع الأحداث بسوريا عام 2011، بدأ العاروري في التحرك مرة أخرى، وأمضى بعض الوقت في تركيا.
في عام 2014، أعلن العاروري أن حماس مسؤولة عن الهجوم الذي وقع في حزيران/ يونيو 2014 وشمل أسر وقتل إسرائيليين في الضفة الغربية، كان أحدهم مواطنا أميركيا إسرائيلياََ.
وفي أيلول/ سبتمبر 2015، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على العاروري بدعوى أنه عمل "كممول رئيسي وميسر مالي لخلايا حماس العسكرية".
وتقول الوثائق الأميركية المتعلقة بهذا الإجراء إن العاروري أدار العمليات العسكرية لحماس في الضفة الغربية،
وفي التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2017، أعلنت حركة حماس انتخاب العاروري، نائبا لرئيس المكتب السياسي للحركة.
وانتقل العاروري بعدها إلى لبنان حيث لعب دورا فعالا في رأب الصدع الذي شاب العلاقات بين حماس وإيران على خلفية "الثورة" في سورية، وكذلك بدأ في إقامة علاقات أوثق مع حزب الله.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، عرضت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة تصل إلى 5 ملايين دولار مقابل معلومات عن العاروري.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية آنذاك، إن العاروري "يعيش حاليا بحرية في لبنان، حيث يقال إنه يعمل مع قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني".
بدورها: تدعي التقارير الإسرائيلية أن العاروري كان المنافس الأبرز ليحيى السنوار على قيادة حماس، وتنسب له السلطات الإسرائيلية، المسؤولية عن عمليات القسام ضد إسرائيل من لبنان وسورية، بما في ذلك إطلاق القذائف الصاروخية.
وتدعي "إسرائيل" أن العاروري كان المحرك الأكبر للتنسيق الوثيق بين حزب الله وحركة حماس، ودفع باتجاه تنفيذ عمليات مشتركة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وكان العاروري يتعرض لحملة تحريض متواصلة في السنوات الأخيرة في الإعلام الإسرائيلي، وصلت إلى حد الدعوات العلنية لاغتياله، خصوصا مع تصعيد العلميات الفلسطينية ضد الاحتلال في الضفة المحتلة.