ترجمات وتقارير
تقرير: فيعيدوا لنا أرضنا .. اللاجئون في لبنان يخشون على حياتهم حال نفاد تمويل الأونروا
منذ سماعها نبأ تعليق دول مانحة دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والقلق يعتري فخرية العلي، العاجزة من دون مساعدة المنظمة الأممية عن استكمال رحلة علاجها من سرطان الثدي.
وتقول العلي (50 عاما) القاطنة في مخيم البداوي للاجئين في شمال لبنان: "حياتي كلها مأساة وأنا في أمسّ الحاجة إلى الأونروا".
وتضيف: "من دونها أموت .. شعب بأكمله يموت، خصوصا مرضى السرطان"، بحسب ما نقلت عنها وكالة "فرانس برس".
وأعلنت دول عدّة: بينها جهات مانحة رئيسية مثل الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة والسويد، تعليق تمويلها للوكالة، عقب اتهام "إسرائيل" 12 من موظفي الوكالة الإقليميين، البالغ عددهم 30 ألفا بالتورط في عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وأثار قرار تعليق الدعم انتقادات حادة في وقت قررت الأونروا فسخ عقود 12 من موظفيها، وأعلنت أن أنشطتها مهددة نتيجة ذلك بالتوقف "بحلول نهاية شباط/ فبراير".
و"العلي" هي واحدة من 600 لاجئ فلسطيني في لبنان مصابين بالسرطان، من إجمالي خمسين ألف مريض، تتكفل وكالة أونروا بعلاجهم.
عواقب وخيمة ..
وتقول مديرة الوكالة في لبنان - دوروثي كلاوس، للوكالة: "من دون الأونروا، لن يكونوا ربما قادرين على تحمّل تكاليف العلاج الباهظة".
ويقيم 250 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، معظمهم موزعون على 12 مخيما أقيمت تباعا إثر النكبة الفلسطينية وقيام "إسرائيل" في عام 1948.
وتنبّه كلاوس من أنّه "ما لم يتم التراجع عن القرار قبل نفاد التمويل لدى الوكالة في نهاية آذار/ مارس، سيكون لذلك عواقب وخيمة على عمليات الأونروا وعلى جميع هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدماتنا".
ويستفيد نحو ثمانين في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من خدمات الوكالة، وفق كلاوس التي توضح أن "العدد يتزايد مع تفاقم الأزمة الاقتصادية" التي تعصف بلبنان منذ أكثر من أربع سنوات.
ويمكن لنحو 5,9 ملايين فلسطيني مسجّلين لدى الوكالة حول العالم، الاستفادة من خدماتها التي تشمل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية للمخيّمات والتمويلات الصغيرة والمساعدات الطارئة، بما في ذلك خلال الفترات التي تشهد نزاعا مسلّحا.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق في لبنان: بات ثمانون في المئة من اللاجئين الفلسطينيين تحت خط الفقر، ويعيشون في ظل ظروف إنسانية صعبة مع افتقار المخيمات لأبسط مقومات الحياة، والخدمات الأساسية.
وتزداد المعاناة لدى اللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى لبنان بعد فرارهم من الحرب في سورية منذ العام 2011، والمقدّر عددهم بنحو 23 ألفا.
"مسح الوجود الفلسطينيّ"
وتصف نجاح الظاهر التي لجأت إلى لبنان عام 2019، قرار وقف التمويل بأنه "إعدام للشعب الفلسطيني"، مضيفة: "كما يقتلون (الإسرائيليون) الشعب في غزة، يقتلوننا اليوم ببطء".
وتبدي الظاهر قلقها على مستقبل أولادها الذين يكافح والدهم من أجل توفير لقمة عيشهم. وتسأل: "هل يبقى أولادنا من دون تعليم؟".
وتضيف: "يمكن لإبني أن يصبح جاهلا، أميًّا. ما هو مستقبله، أن يجمع القمامة؟" معربة عن اعتقادها أن ما يجري هدفه "مسح الوجود الفلسطيني".
ويتلقى نحو 40 ألف طالب فلسطيني التعليم المجاني عبر 62 مدرسة تابعة للأونروا وموزعة في مناطق عدة.
وتقدم الأونروا مساعدة شهرية بقيمة نحو 300 دولار لعائلة نجاح. وتتلقى شقيقتها ماجدة التي لا يبدو وضعها أحسن حالا المساعدة ذاتها.
وتعيش ماجدة مع طفليها وزوجها المثقل بالديون في غرفة داخل مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين قرب بيروت، مقابل بدل إيجار بقيمة ستين دولارا شهريا.
وتقول: "زوجي عاطل عن العمل، ومن خلال مساعدة الأونروا، أدفع إيجار البيت واشتراك المولّد الكهربائي. لدي طفلان، هل أتركهم من دون مدرسة؟".
"كأن الحياة انتهت"
وبخلاف حال الفلسطينيين في سوريا حيث يتمتّعون بحقّ العمل، وفي الأردن حيث يحظون بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها المواطنون، يمنع لبنان اللاجئين الفلسطينيين من العمل في 39 مهنة. كما يُمنع عليهم التملّك، خشية من أن يشكل ذلك مقدّمة لتوطينهم، ويحول دون حقّ عودتهم إلى أراضيهم.
ومع الأزمة الاقتصادية: بات الأفق مسدوداََ لكثر منهم.
ويقول هيثم الجشي إن "مستلزمات الحياة صعبة للغاية. وفي ظل الظروف القائمة، باتت فرص العمل محدودة جدا".
ويتابع "إنها محاولة تضييق على الفلسطينيين".
ويبدو المشهد قاتماََ بالنسبة إلى يوسف دهوك (40 عاما) الأب لأربعة أطفال.
ويقول دهوك: "كأن الحياة انتهت، فإذا كانت الأساسيات غير متوفرة، ماذا يتبقى لنا؟". ويتابع: "إذا أرادوا وقف المساعدات، فليعيدوا حينها أرضنا لنا".
أ ف ب