ترجمات وتقارير
تقرير|| في ظل انقطاع الكهرباء والاتّصالات: الغزيين يتّجهون إلى أجهزة الراديو
بعد 74 يوماََ من العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة المحاصر، وتحت القصف المتواصل والنيران، شهد القطاع إقبالًا كبيرًا على شراء أجهزة الراديو، في ظلّ انقطاع الكهرباء والإنترنت والاتّصالات.
انقطاعات الكهرباء مألوفة أساساََ في يوميّات سكّان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، لكنّها استحالت انقطاعاََ تاماََ منذ فرضت "إسرائيل" حصارًا مطبقًا على القطاع مع بدء العدوان في السابع من أكتوبر الماضي، مانعة خصوصًا دخول الوقود إليه.
ويحول ذلك دون إمكان تشغيل أجهزة التلفزيون والحواسيب أو شحن الهواتف النقّالة وتصفّح الإنترنت للحصول على معلومات إلّا في حال وجود ألواح للطاقة الشمسيّة أو مولّدات كهرباء، وهو ترف لا يملكه غالبيّة السكّان في القطاع الخاضع لقصف إسرائيليّ كثيف ومتواصل، راح ضحيّته 20 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 50 ألف مصاب، فبات جهاز الراديو الّذي يعمل بالبطّاريّات "التي لم تعد موجودة هذه الأيام؛ وانقطعت هي الأخرى" الوسيلة الوحيدة لمتابعة الأخبار.
يملك الداووديّ البالغ 33 عامًا محلًّا لبيع الهواتف النقّالة والإلكترونيّات في رفح في جنوب القطاع.
ويؤكّد "منذ الأسبوع الأوّل من بداية الحرب، نفذت لدينا كلّ أجهزة الراديو في فروعنا الثلاثة، وفي المخازن كان لدينا كمّيّة كبيرة نفّذت جميعها".
ويشير الداووديّ "الراديو الوسيلة الوحيدة لمعرفة الأخبار وما يدور حولنا في ظلّ انقطاع الإنترنت والاتّصالات، كما أنّه خيار مثاليّ بالنسبة للناس في ظلّ أزمة الكهرباء" موضّحاََ أن "البطّاريّات تدوم لمدّة طويلة". لافتاََ: أنّ سعر جهاز الراديو كان 25 شيكلًا (6,8 دولارات) قبل الحرب. وأصبح حاليًّا مع زيادة الطلب عليه 60 شيكلًا (16,4 دولارًا).
وبعد أكثر من شهرين من انطلاق عمليّات القصف والاشتباكات العنيفة، نزح الجزء الأكبر من سكّان القطاع، وهم يعانون من نقص كبير جدًّا في الموادّ الغذائيّة والمياه والأدوية والوقود، تحت القصف المتواصل.
ويوضّح الداووديّ "حتّى الأجهزة الّتي تمّ إرجاعها بسبب وجود عطل فيها بيعت ونفدت حتّى الهواتف النقّالة لدينا" موضّحاََ أنّ الكثيرين اختاروا شراء أجهزة هاتف قديمة تملك خاصّيّة الراديو والإنارة بكشّاف لاستخدامها لغرضي إضاءة الخيام وسماع الأخبار.
ويرى حسين أبو هاشم الّذي يعمل في متجر آخر أنّ "أجهزة الراديو كانت تملأ السوق، ولكن منذ بدء الحرب لم يعد هناك شيء" مشيراََ: إلى ارتفاع أسعار هذه الأجهزة لشدّة الطلب عليها.
ويضيف "الناس تريد أن تعرف الأخبار ومكان القصف والاطمئنان على أهلها ولا يوجد إنترنت ولا اتّصال ولا كهرباء، أجهزة الراديو أغلبها تعمل على البطّاريّة، بعضها يعمل على الطاقة الشمسيّة" مشيرًا أنّها بيعت جميعًا.
وتشير تقديرات الأمم المتّحدة إلى أنّ 1,9 مليون من سكّان غزّة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة نزحوا بسبب الحرب، نصفهم من الأطفال.
ويقول أحمد البوّاب (35 عامًا) الّذي نزح من حيّ الشيخ رضوان في مدينة غزّة إلى خيمة في رفح "نتابع الأخبار عبر الراديو، لا توجد خيارات أخرى".
ويضيف: "كنت أتابع إذاعات محلّيّة كالأقصى والقدس لكنّها توقّفت، أتابع الجزيرة والعربيّة وأيّ إذاعة صوتها واضح، فجميع المحطّات تتكلّم عن غزّة".
من جهتها تؤكّد أمّ إبراهيم الّتي نزحت من خان يونس أنّها تسمع الأخبار يوميًّا "لأعرف ماذا يحدث حولنا أين القصف والبيوت المستهدفة ومن تمّ هدم بيته، ومن بقي وأسماء الشهداء" موضّحة "نتلهّف على أيّ خبر من غزّة أو من منطقتنا أو أيّ مكان في القطاع".
وتشير "أتجوّل بين الخيام لأسمع الأخبار (عبر أجهزة الراديو الأخرى) حين تنفد البطّاريّة من الراديو والهاتف النقّال" الخاصّ بها.
ونزح صلاح زعرب (37 عامًا) من شرق خان يونس إلى رفح جنوبًا، موضّحاََ: أنّه يتابع الإذاعات طوال الوقت.
ويقول أمام خيمته "العالم يتقدّم في مجال التكنولوجيا ونحن نتراجع في غزّة سيصلّون بنا للعصر الحجريّ. نقوم بإشعال الحطب، ونجلس أمام الخيم لإعداد الشاي، ونسمع الأخبار عبر الراديو لحظة بلحظة".
عرب48