مقالات
شعوب الأمة خارج العباءة السياسية لحكامها
بقلم: خالد صادق
أمام الاحتجاجات الواسعة للشعب البحريني الشقيق على زيارة ما يسمى برئيس دولة الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ, اضطرت الحكومة البحرينية بالتنسيق مع «إسرائيل» والإدارة الأمريكية لتشديد الحراسات بشكل أكبر على الرئيس الصهيوني غير المرحب به شعبيا في البحرين, هرتسوغ المفزوع من حجم الاحتجاجات في البحرين برر ذلك بالقول» إن هؤلاء المحتجين من الموالين لإيران, ولا يعبرون عن موقف الشعب البحريني», متغافلا عن الموقف الشعبي المتنامي ضد «إسرائيل» والذي يرفض بشدة إقامة أي علاقات معها, وسائل إعلام بحرينية وعبرية ذكرت أن هرتزوج أهدى العاهل البحريني «مزوزاه من الفضة»، وهي إحدى الرموز «الدينية اليهودية»، وذلك فور عقد لقائهما الأول في العاصمة البحرينية المنامة، «فإسرائيل» تسوق نفسها في المنطقة على انها ام الديانة الابراهيمية, وان معتقداتها التلمودية هي التي يجب أن تسود وتحكم, بعد أن فرغ هرتسوغ من زيارته للبحرين, توجه هرتسوغ إلى الامارات حيث التقى برئيس دولة الامارات العربية المتحدة محمد بن زايد, وبدأ هرتسوغ زيارته بالعزف على نغمة النفوذ إيراني في المنطقة واطماعها في الدول الخليجية, وأكد له أن “اتفاقات إبراهيم هي إجماع وطني في «إسرائيل» تتفق عليه جميع أطراف الطيف السياسي”، في الوقت الذي تستعد فيه حكومة تقودها الصهيونية الدينية لتولي السلطة. والتقى كلاهما في منزل بن زايد الخاص في أبو ظبي وهذا دليل على العلاقة الحميمية بين الطرفين. وقال هرتسوغ لبن زايد « الآن علينا أن نصل إلى علو مرتفع برفع مستوى العلاقات بيننا أكثر، لتعزيزها وضم المزيد من الدول إلى اتفاقات إبراهيم” وهو يشكر بذلك موقف الامارات التي اقنعت رئيس تونس قيس اسعيد المعروف بمواقفه المناهضة للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
هرتسوغ ونتنياهو أرادا استئناف علاقات التطبيع وإقامة تحالفات مع الدول العربية, وهما يحاولان تبييض صورة الحكومة الجديدة التي تضم ايتمار بن غفير, وبتسلئيل سموتريتش اللذين يرفعان شعارات الموت للعرب, و»إسرائيل الكبرى» بحدودها الممتدة من الفرات الى النيل, وهما لا يعترفان بمسيرة التسوية ويعملان على التخلص من كل الاتفاقيات وطرد السلطة الفلسطينية من الضفة المحتلة, لذلك تتركز اهتمامات «إسرائيل» اليوم اكثر من أي وقت مضى على اخضاع تونس للتطبيع معها, من خلال اغراءات إماراتية لقيس اسعيد للدخول في حظيرة التطبيع «النجسة», والخطوة الأولى بدأت بمصادقة قيس اسعيد، على ما يسمى الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في المتوسط المعتمد بمدينة مدريد يوم 21 يناير/كانون الثاني 2008، وهو بروتوكول لم يحظ آنذاك بالموافقة في عهد الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي, لكن اليوم بات الرئيس الموصوم بمناهض التطبيع قيس السعيد يقبل به, ووقعت على هذا البروتوكول كل من تونس وقبلها «إسرائيل» والمغرب ولبنان وسوريا وفرنسا وإسبانيا وألبانيا والجبل الأسود وسلوفينيا وكرواتيا ومالطا, وبعد التوقيع الرسمي من قبل الرئيس التونسي للانضمام لهذا البروتوكول، وجهت المعارضة له سيلا حادا من الاتهامات، مؤكدة أن «رفعه شعار تجريد التطبيع مجرد ضحك على الذقون», فالإمارات تقدم اغراءات مالية كبيرة وتعد بأمن واستقرار البلاد بالتطبيع مع هذا الكيان المجرم, وقد اتهم الأمين العام للاتحاد العام للشغل نور الدين الطبوبي، لوبيات صهيونية بمحاولة محاصرة الجزائر بجرّ تونس نحو التطبيع معها بعد المغرب», «فإسرائيل» تستخدم التطبيع كنوع من استعمار الدول العربية والتحكم في خيراتها وثرواتها وحصار الدول التي ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ألا يخجل هؤلاء الزعماء العرب وهم يشاهدون شعوبهم كيف تنبذ «إسرائيل» وتقف في وجهها وتعتبرها عدو الأمة وغدة سرطانية تنخر في جسدها ويجب استئصالها, ألم يروا أطفالا عرباً في المونديال القطري وهم المتلهفون للظهور على الشاشات العربية والاجنبية ولكنهم يرفضون اجراء مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي, الا يرونهم وهم يطردون مراسلي القنوات العبرية ويهتفون باسم فلسطين, الم يروا الاعلام الفلسطينية التي غزت الملاعب والأسواق القطرية وبات كل عربي يحملها ليعبر عن هويته وانتمائه لفلسطين ورفضه للتطبيع مع الكيان الصهيوني المجرم, هذه المشاهد التي أحيت الامل في نفوس الفلسطينيين, واشعرتهم بنشوة النصر على الطغاة والمتجبرين, الامر الذي دفع نائب رئيس حركة حماس – إقليم الخارج موسى أبو مرزوق، للقول: إن «الظروف الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية هي من أفضل الظروف مقارنة بالمرحلة السابقة من حيث الفاعلين السياسيين وأدوارهم على مستوى العالم». وأضاف لإذاعة «الأقصى» «الغرب هو الذي يدعم المشروع الصهيوني في المنطقة، وهو الذي يساند إسرائيل، وهو الذي يحميها ويمدّها بكل أسباب الحياة، ولو تخلى الغرب عن «إسرائيل» ستنهار في اليوم التالي». مشيرا لوجود فرصة كبيرة أمام الشعب الفلسطيني لاستنهاض كل قواه من أجل انتفاضة جديدة، مضيفُا نقول بأن ارهاصات الانتفاضة حاضرة» فقوة الفلسطينيين مستمدة من قوة العرب, وقوة العرب مستمدة من قوة وثبات وعزم وصمود وتضحيات الشعب الفلسطيني, ففلسطين تحتاج لكل جهد عربي لتنال حريتها واستقلالها, وما يحدث في قطر يبعث على التفاؤل وانبعاث الأمة من جديد لنصرة قضيتها المركزية فلسطين, لأن شعوب الأمة اثبتت انها خارج عباءة حكامهم المتحالفين مع «إسرائيل».