عربي ودولي
عمليات إجلاء السكان مستمرة بعد تدمير جزئي لسد كاخوفكا في جنوب أوكرانيا
(أ ف ب) -تتواصل عمليات الإجلاء المكثفة للسكان في جنوب أوكرانيا الأربعاء بعد تدمير سد كاخوفكا جزئيا الذي تسبب بفيضانات غمرت عددا من البلدات الصغيرة على طول نهر دنيبر، بينما استمر تبادل الاتهامات بين موسكو وكييف بتفجيره.
وقال أوليكسي كوليبا نائب رئيس ديوان الرئاسة الأوكرانية إن "الوضع الصعب يحدث في منطقة كورابيلني بمدينة خيرسون". وأوضح أن "مستوى المياه ارتفع حتى الآن بمقدار 3,5 أمتار ، والمياه غمرت أكثر من ألف منزل" في هذه المدينة التي استعادها الأوكرانيون من الروس في تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
وأضاف أن عمليات إجلاء سكان المنطقة ستستمر الأربعاء وفي الأيام المقبلة بالحافلات والقطارات.
وفي اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بعد ظهر الثلاثاء، وصف منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث تدمير السد بأنه كارثة "لا يمكن تقييم حجمها الكامل إلا في الأيام المقبلة" لكن عواقبها ستكون "خطيرة وبعيدة المدى" على جانبي خط الجبهة.
وقال غريفيث إن "الأضرار الناجمة عن تدمير السد تعني أن الحياة ستصبح أقسى بشكل لا يحتمل للذين يعانون أساسا من النزاع"، مؤكدا أن "عواقب العجز عن تقديم المساعدة لملايين المتضررين من الفيضانات في هذه المناطق قد تكون كارثية".
وقبل الاجتماع الطارئ الذي عقد بطلب من اوكرانيا، رأى الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش أن تدمير الس جزئيا هو "نتيجة مدمرة جديدة للغزو الروسي لأوكرانيا".
وقال للصحافيين إن "الأمم المتحدة لم تحصل على معلومات مستقلة حول الظروف التي أدت إلى تدمير محطة توليد الطاقة الكهرومائية لسد كاخوفكا، لكن هناك أمرا واحدا واضحا: هذه نتيجة مدمرة أخرى للغزو الروسي لأوكرانيا".
وأضاف أن "مأساة اليوم هي مثال جديد على الثمن الباهظ للحرب على السكان".
خلال هذا الاجتماع الطارئ تبادل الممثلون الروس والأوكرانيون الاتهامات كما فعلت موسكو وكييف طول نهار الثلاثاء.
وقال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن "التخريب المتعمد الذي قامت به كييف لبنية تحتية حيوية خطير جدا ويمكن أن يعتبر أساسا جريمة حرب أو عملا إرهابيا"، محملا كييف و"رعاتها الغربيين (...) المسؤولية الكاملة عن المأساة المستمرة".
ورد السفير الأوكراني سيرغي كيسليتسيا بالقول "لاحظنا من قبل أسلوب إلقاء اللوم على الضحية للجرائم التي ترتكبونها"، مدينا عمل "الإرهاب البيئي والتكنولوجي" ضد هذا السد.
وقال "من خلال اللجوء إلى تكتيك الأرض المحروقة أو في هذه الحالة الأرض المغمورة، يعترف المحتلون الروس في الواقع بأن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها ليست لهم وأنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بالحفاظ على هذه الأراضي".
من جهته، عبر السفير الصيني تشانغ جون عن قلقه من خطر "إطالة أو حتى تصعيد الأزمة في أوكرانيا". وقال إن "ما حدث للتو يذكرنا مرة أخرى بأن أي شيء يمكن أن يحدث في أي نزاع"، داعيا الأطراف إلى "التحلي بالحس السليم وضبط النفس واستئناف المفاوضات بسلام في أقرب وقت ممكن".
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتهم روسيا بـ "تفجير قنبلة" في السد. وكان قد صرح في تشرين الأول/اكتوبر أن روسيا قامت بزرع ألغام فيه. وأضاف أنه "من المستحيل عمليا نسفه بأي طريقة من الخارج، بعمليات قصف"، وهي الرواية التي صدرت عن موسكو.
وقال زيلينسكي إن "العالم يجب أن يرد. روسيا تخوض حربا ضد الحياة والطبيعة والحضارة"، مشددا في الوقت نفسع على أن ذلك "لن يؤثر على قدرة أوكرانيا على تحرير أراضيها".
وترى كييف أن روسيا أرادت بذلك "كبح" هجوم الجيش الأوكراني. وهذا لأنه إذا غمرت المياه الخطوط الدفاعية الروسية على طول نهر دنيبر، فقد يعرقل ذلك عملية عسكرية أوكرانية محتملة في هذه المنطقة.
وكانت أوكرانيا أعلنت قبل يوم أنها حققت تقدما في باخموت في الشرق لكنها قللت من أهمية "العمليات الهجومية" في أماكن أخرى على الجبهة.
وأكدت روسيا من جهتها أنها صدت هذه الهجمات الكبيرة. واعترفت الثلاثاء بمقتل 71 من جنودها وجرح 210 آخرين في الأيام الأخيرة. ونادرا ما يعلن الجيش الروسي عن خسائره.
ويؤكد الأوكرانيون أنهم يستعدون منذ أشهر لهجوم مضاد واسع يهدف إلى إجبار القوات الروسية على الانسحاب من الأراضي التي استولوا عليها.
وبشأن السد، دان الكرملين ما اعتبره عملا "تخريبيا متعمدا" ورفض "بشدة" الاتهامات الأوكرانية، داعيا المجتمع الدولي إلى "إدانة" كييف لتدميره.
قال الرئيس الأوكراني إن روسيا ارتكبت "إبادة بيئية وحشية".
وأكدت وزارة الزراعة الأوكرانية في بيان أن عشرات الآلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية في منطقة خيرسون معرضة لخطر الفيضانات، معبرة عن قلقها من جفاف كامل للحقول في جنوب البلاد في وقت مبكر من العام ونقص مياه الشرب للسكان.
وكان المدعي العام الأوكراني أندريتش كوستين صرح الثلاثاء أن "أكثر من أربعين ألف شخص يمكن أن يتواجدوا في مناطق غمرتها المياه"، موضحا أن "أكثر من 25 ألف مدني موجودون للأسف في الأراضي الواقعة تحت سيطرة روسيا".
من جهته، قال وزير الداخلية الأوكراني إن المياه "غمرت 24 بلدة في أوكرانيا حتى الآن".
وفي المناطق التي تحتلها روسيا، أعلنت السلطات المعينة من قبل موسكو أنها بدأت إخلاء ثلاث مناطق من السكان، وحشدت حوالى خمسين حافلة.
وقال فلاديمير ليونتييف رئيس بلدية مدينة نوفا كاخوفكا حيث يقع السد، المعين من موسكو إن مدينته غارقة في المياه وتم إجلاء 900 من سكانها.
وأثار تدمير السد مخاوف جديدة بشأن محطة الطاقة النووية في زابوريجيا الواقعة على بعد 150 كيلومترًا ويتم تبريها بالمياه التي يحبسها السد.
لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت أنه لا يوجد "خطر نووي مباشر".
ويقع السد والمحطة النووية في منطقة احتلها الروس بعد الغزو الذي بدأ في 24 شباط/فبراير 2022.