مقالات
عملية عسكرية في الضفة تكريس للاحتلال
الكاتب / مصطفى ابراهيم
في دولة الاحتلال لا يوجد شيء أكثر قدسية من المنطق العسكري، الكل يتجند للمعركة القادمة، وفي وقت الذروة لا يجرؤ أي صحافي أو معلق سياسي أو عسكري على التساؤل، هل ستتحول العملية العسكرية الواسعة في شمال الضفة إلى اشتعال كل فلسطين.
لم تعد لدولة الاحتلال القدرة على أن تتحمل مفاجاة أخرى وصدمة جديدة تهز دولة الاحتلال ومنظومته السياسية والأمنية.
وفي دولة الاحتلال يزداد الغضب بين المستوطنين، وتزداد التهديدات الاسرائيلية لضرب الفلسطينيين. سواء من المستوي السياسي والأمني، حتى من وسائل الاعلام والصحافيين والمحللين السياسيين والعسكريين، وسيطرة فكرة الانتقام للقتلى المستوطنين.
وحديث عن خلافات وجلسات، ونقاشات أمنية وضرورة القيام بعمل دموي ما، في شمال الضفة الغربية. والتحريض على القيادات الفلسطينية في الخارج والداخل، والتهديدات متنوعة ودموية.
يبدو أن المجتمع الاسرائيلي والحركة الصهيونية واكثر من 100 سنة من المفاجأة الدموية المستمرة، وأن الفلسطينيين يدافعون عن كرامتهم ويسعون إلى الحرية وتقرير المصير.
وحالة الانكار والتجاهل أن القتلى الأربعة من المستوطنين بالقرب من قرية سلواد هم مستوطنين، وأن المستوطنات هي جريمة حرب، وأن الفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية.
وأولئك الذين يطالبون برد قاسي ضد الفلسطينيين، والقيام بعملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية. وأن الصحافيين والمحللين العسكريين وكل الجنرالات الذين ينتظرون بالفعل فرصة لعملية عسكرية دموية أخرى ومذبحة جديدة على ظهور الضحايا الفلسطينيين المقتولين، والدماء التي تراق.
كل أولئك من المستوطنين والسياسيين يرفضوا القبول بالبديهية العنصرية والفاشية لدولة الاحتلال، وان الاحتلال والمستوطنات جرائم حرب، ودولة الاحتلال تمارس جرائم حرب، والفصل العنصري جريمة ضد الإنسانية.
ثمن الدم الفلسطيني غالي ويساوي أكثر من الدم الآخر. وقيمة الدم الفلسطيني كبيرة، ويستحق التضحية من أجل الكرامة الوطنية والألم والعدالة والحماية.
في ضوء عودة الحديث عن العملية العسكرية في شمال الضفة، وبالنظر لدولة الاحتلال وسياقها الاجرامي الارهابي، لا خيارات لها سوى استخدام مزيد من القوة والعدوان، وهي تدرك أنه كلما اتسع العدوان وعملية عسكرية واسعة ستكون دموية بشكل أكبر مما هو قائم، وستتصاعد المقاومة وستشتعل الاراضي الفلسطينية المحتلة.
أود أن أذكر أنه كانت هناك عملية عسكرية همجية منذ آذار /مارس من العام الماضي، أطلق عليها كاسر الامواج، وتم نشر أكثر من 20 كتيبة من الجيش الاسرائيلي، كان الهدف منها في الواقع سد الثغرات في السياج وتحقيق المزيد من الردع بالقتل والاعتقالات وهدم البيوت.
لم يتوقف الجيش الإسرائيلي طوال الوقت عن عمليات الاقتحام في كل مناطق الضفة الغربية، بما في ذلك المدن الفلسطينية المصنفة ضمت المنطقة أ.
هل الحديث هنا عن العملية العسكرية الواسعة استعادة المدن، وعدم قناعة الحكومة انه لم يعد لها حدود واضحة لمثل هذه العملية وهي مستمرة في عدوانها.
العدوان المستمر في الضفة، وكل فلسطيني هو هدف شرعي وقانوني للاحتلال، والادعاء الكاذب الخرص على عدم وجود خسائر واطراف غير متورطة؟ هذا على افتراض أن كل فلسطيني، حتى لو كان عمره 5 سنوات أو 14 سنة، هدف؟
ارهاب المستوطنين وجرائم الاحتلال اليومية، واقتحام جنين قبل ايام، والقوات الخاصة والدبابات والمروحيات الحربية.
عمليات هدم المنازل والاغتيالات والاعتقالات تتم على خلفية مقاومة شعبية، ومنذ اكثر من عام المزيد والمزيد من العمليات العسكرية المنظمة والمكثفة من قبل الجيش الإسرائيلي، ومن جميع القوات والمدججة بكل الإمكانات، وتستخدم كل القوة التي يمكنه استخدامها.
وقتل مدنيون وزرع الدمار ولم يتم حتى اعتقال كل "المشتبهين بالإرهاب"، كل ذلك في سبيل استمرار الاحتلال في الضفة والسلطة على الفلسطينيين وقمعهم.
في جنين اصيب عدد من جنود جيش الاحتلال ، واستشهاد أربعة فلسطينيين وعشرات أصيبوا. في الواقع، ما يحدث للجيش الاسرائيلي يبدأ بما يحدث للمستوطنين، لأن هذا هو في الواقع وجوهر الاحتلال، الذي يتجاهل العلاقة بين الأفعال والنتائج.
معظم الإسرائيليين مقتنعون بأن الاحتلال ضرورة، والإدعاء ان ليس لديهم خيار سوى استمرار الاحتلال. والحقيقة أنه في الواقع حكم عسكري قاسي مستمر يفرض ادوات السيطرة، ويتحكم في جميع مجالات حياة الملايين من الفلسطينيين، وارهاب المستوطنين والبناء الاستيطاني يسير بشكل حثيث، وعمليات الضم المتسارعة.
الاحتلال ينتج الارهاب والقتل والدمار والخوف، والجيش الإسرائيلي، أحد أقوى الجيوش في العالم، وبالطبع الأقوى في الشرق الأوسط، ويتطلب منه المزيد والمزيد من عمليات القتل والدمار، لاستكمال المشروع الاستعماري الاستيطاني، وحماية المستوطنين.
عندما يقوم الجيش الإسرائيلي بعملياته الاجرامية اليومية، في جنين و نابلس وباقي المدن الفلسطينية، فإنه يفعل ذلك كجيش احتلال أجنبي.
كيف ينبغي أن ينظر إليه، وعليه ماذا سيكون رد الفعل البشري الطبيعي عندما يغزو جيش أجنبي بلدك ومدينتك؟
ما حدث أمس في سلواد كان يجب أن يحدث لأنه يوجد احتلال عسكري غاشم ومستوطنين ارهابيين ينشرون القتل والخوف. وما سيحدث له ما يبرره وهو الحق الفلسطيني والدفاع عن النفس.