ترجمات وتقارير
في الذكرى الثانية لنفق الحرية: أسير محرر يكشف لـِ"علم24" تفاصيل جديدة عن ذلك اليوم
تقرير علم24 - براء لافي - غزة - كان صباحاََ عادياََ ككل صباحات الأيام إلى حين قرر 6 أبطال يقبعون خلف سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ سنوات أن يجعلوه صباحاََ استثنائياََ لا يُنسى .
ففي ذلك اليوم وتحديداََ في 6 سبتمبر من العام 2021 استطاع 6 أسرى فلسطينيين وهم :محمود العارضة، محمد العارضة، يعقوب قادري، أيهم كممجي، مناضل نفيعات وزكريا الزبيدي وجميعهم من جنين، أن يخرجوا من ظلمات الاحتلال إلى نور الله، من خلال تحرير أنفسهم من أحد سجون الاحتلال ويعد السجن الأكثر تحصيناََ ومتانة كما يدعي (سجن جلبوع) عبر فوهة نفق صغيرة حفروها أسفل المرحاض الموجود داخل غرفة سجنهم بأدوات وإمكانيات بسيطة توفرت لديهم لاتتعدى "معلقة طعام" ليفضحوا بما فعلوا هشاشة منظومة الاحتلال الأمنية التي يتفاخر بها ليل نهار .
وبعد ساعات وأيام قليلة: وبعد أن زار أيهم كممجي قبر والدته، وتناول يعقوب قادري فاكهتي الصـبر والبرتقال الفلسطيني للمرة الأولى منذ سنوات طويلة؛ ولأن كل الأرض الفلسطينية محاصرة بالاحتلال لم يستطع الأبطال الستة المكوث كثيراََ بالخارج؛ حيث حاصر الاحتلال سماء الأرض المحتلة بطائراته الاستكشافية للعثور عليهم، وعشرات الآلاف من جنوده يرافقهم وحدات خاصة ووحدات من الشاباك وآلاف المستعربين على الأرض حتى تمكن "النيل منهم واحداََ تلو الآخر" ومنذ ذلك التاريخ حتى تاريخ اليوم يعاقب الأسرى بأشد العقاب، حيث ضاعف الاحتلال محكومياتهم وقام بعزلهم بالانفرادي وأكثر من ذلك ..
من جهته؛ كشف يوسف مسعود لـِ"علم24" وهو أحد الأسرى المحررين منذ أشهر قليلة، عن تفاصيل ذلك اليوم وما عاشه الأسرى بسجون الاحتلال من معاناة وتنكيل منذ حينها .
وفي حديث خاص مع "علم24"، اليوم الأربعاء، قال "مسعود" :"6/9/2021 أذكر ذلك اليوم والتاريخ جيداََ حيث كنت أعمل ممثلاََ للقسم بجانب ممثل السجن ككل، كعادة الأسرى أو بعضهم لمن يريد نجهز أنفسنا كل صباح باكر للخروج لساحة الفورة لممارسة الرياضة وإذ بحركة نشطة وغير اعتيادية لشرطة الاحتلال بالقسم وبعد قليل دخلت قوات كبيرة من ملفتة للنظر وانتشرت بالقسم كله .." .
وأضاف: "هناك شيء يقوم به الاحتلال داخل السجون يومياََ كل مساء يسمى بالعبري "زيهوي" ويعني تشخيص الأشخاص؛ تفاجئنا بأنهم قاموا بذلك مبكراََ صباح ذلك اليوم، فأدركنا بأن هناك شيء مريب يحدث" .
وتابع "مسعود" قائلاََ: "حينها: لم تتحدث إدارة السجن معنا، فعادةََ عند حدوث أي شيء يخص السجن أو قرارات تتعلق بالأسرى ..إلخ تتحدث إدارة السجن مع الممثل عن المعتقل وتخبره، وكان حينها ممثلاََ عن معتقلنا الأسير الأخ - أشرف صغير، لكنها لم تتحدث ولم تقل شيء بل كانت الأحاديث تدور عبر الأبواب بين الغرف مالذي يحدث؟ إلى حين طلب "أشرف" التحدث مع المدير فحضر إليه ضابط استخبارات وقال له بأن المدير يعقد جلسة طارئة مع مسؤولة السجن وسيتحدث معك لاحقاََ وقال له بأن "هناك حدث أمني كبير جداََ جداََ جداََ قد جرى في "جلبوع"".
ولفت الأسير المحرر؛ إلى أن مدير السجن قد جاء لاحقاََ وتحدث مع ممثل المعتقل "صغير" وأخبره بما حدث ليخبر الأخير "مسعود" بأن 6 أسرى في جلبوع تمكنوا من تحرير أنفسهم من ظلام الاحتلال. منوهاََ؛ بأن الاحتلال حينها لم يسمح لأحد بالتجول داخل السجن "وحبسنا جميعنا في الغرف" .
وقال يوسف مسعود: فاق الإخوة الأسرى على هذا الخبر المفرح جداََ بالنسبة لنا، وذلك بالرغم من أننا نعلم عواقبه جيداََ ونعلم بأنه سيكون هناك تضييقات ستطالنا جميعاََ، لكننا كنا نشعر بالفخر والعزة لما قام به اخواننا الـ6 وذلك لأننا نعلم ماهو سجن جلبوع والذي يعرف عبرياََ بمصطلح "ااخزنة" لأنه من السجون المحصنة جداََ؛ وقد بني على الطراز الهولندي أي أن الاحتلال جاء بتصاميم ذلك السجن من الخارج ويقبع به الأسرى الفلسطينيين المصنفيين بالخطيرين أمنياََ بالنسبة للاحتلال .
وأضاف: "كنا نعلم مالذي سنشهده عقب ذلك الحدث البطولي، فهناك من الأسرى من لديهم محاولات هروب سابقة ويقوم الاحتلال بإعطائهم كرت باللون الأحمر بما معناه بأن هذا الشخص خطير جداََ، ويتم تحريكه داخل السجن مكلبش الأيدي والأرجل وعليه حراسة مشددة وهذا بالوضع الطبيعي فما بالك عندما يحدث حالة "هروب" كهذه ؟!! لافتاََ؛ بأنه وبالرغم من ذلك "فقد عشنا 4 أيام من أجواء البهجة وكانت الدعوات لاتتوقف لإخواننا الـستة".
ولفت "مسعود" بأن إدارة السجون لم تقم بأي إجراءات عند تحرر الأسرى الستة عدا عن التفتيش اليومي وعد الأشخاص .. إلخ، لكن ومع الأسف عندما تم القبض على إخواننا كانت ردة فعل الإدارة صعبة وعنيفة؛ فقد تم فرض عقوبات شديدة علينا، ومستمرة حتى هذه اللحظة" .
وكشف الأسير المحرر بأن إدارة سجون الاحتلال قامت "بسحب معالق الطعام الحديدية منهم وإستبدالها بمعالق بلاستيكية؛ عدا عن سحب كل الأدوات الحادة، وسحب بعض الأغطية وحرماننا من أدوات أخرى وأدوات أخرى بالكانتينا؛ وسحب كل شيء يمكن أن يستفيد منه الأسرى وكان الواقع "ولا يزال" صعب جداََ جداََ" مشدداََ؛ بأنهم "خاضوا معارك وقدموا الدماء وخسروا من وزن أجسامهم في الإضرابات المفتوحة عن الطعام لتوفير أدنى متطلبات الحياة الكريمة لكن هذا هو الاحتلال وعادته الغدر فلا يزال يضيق على أسرانا" .
ولفت "مسعود" بأن الأسرى داخل السجون يعانون أشد معاناة قائلاََ: "لايوجد استقرار للأسرى فحياتهم مذاقها مُر؛ ولايعلم بأحوالهم إلا الله ولو تكلمت من الآن حتى يوم القيامة لايكفي ذلك لوصف أحوالهم ولن يصل الشعور الحقيقي إلا لمن عاش وجرب" منوهاََ؛ بأن "الأسير الذي حاول الهرب سابقاََ يتم نقله مابين الغرف بشكل دوري كل 4 أشهر، وكل عام يتنقل من قسم لآخر ولايعود للقسم الذي كان فيه، وبعد سنتين يتم نقله من سجن لسجن آخر ولايعود للسجن الذي كان به؛ يعني حياة مريرة جداََ جداََ وغير مستقرة حتى بين الجدران الأربعة" .
وقال الأسير المحرر بأن "أسرى جلبوع الـستة الذين تمكنوا من تحرير أنفسهم لأيام؛ ضاف الاحتلال على كل أسير منهم حكم إضافي وتم عزلهم في عزل انفرادي "كل واحد في سجن وليس في نفس القسم يبعد عن الآخر مئات الكيلومترات" ومنهم ومن الأسرى يقبعون في سجون تحت الأرض لا شمس تصلها ولا هواء ولا أي شيء، ورغم كل التضييقات الكبيرة جداََ عليهم كبيرة: محرومين من الزيارة/الاتصال/الملابس/ كل شيء حياتهم لا تصلح للحياة نهائياََ" .
وأضاف بحسرة: "أحياناََ نكابر على الأهالي وعلى أنفسنا حين نقول لهم بأننا بخير "عايشين" لكن كل هذا ليس إلا مكابرة كي لا نضيف ألماََ على ألمهم بغيابنا فالسجن ليس الرجال .. السجن قهر للرجال؛ وأسأل الله أن يمن على جميع إخواننا الأسرى بالنصر والتحرير القريب وأن تنفذ صفقة وفاء الأحرار 2 على أيدي مقاومتنا التي يفخر الأسرى بها" .
اللافت ذكره؛ بأنه وفي تاريخ 6 سبتمبر 2021، انتزع 6 أسرى فلسطينيين حريتهم بأيديهم، من سجن جلبوع الإسرائيلي "شديد الحراسة" عبر نفق حفروه سراََ لأشهر من زنزانتهم إلى خارج السجن بملعقة طعام، وهي العملية التي عُرفت بإسم ”نفق الحرية” قبل أن يعيد الاحتلال اعتقالهم، وبالرغم من اعتقالهم فإن "نفق الحرية" سببت حرجاََ بالغاََ لمنظومة الاحتلال الأمنية وأعادت قضية الأسرى إلى الواجهة .