مقالات
في مدينة الموت لا تشم إلا رائحة الموت
بقلم: غادة عايش خضر
هاجر إن شئت، أو أبقى إن شئت، فالنتيجة واحدة، الموت واحد وإن تعددت الأسباب، في مدينة الموت لا ترى إلا أجساد في حالة موت سريري، وأخرى في آخر لحظات من الإنعاش، وغيرها تلتقط أنفاس لا طاقة لها بها، وأُخرى تعيش حالة من كي الوعي مستديم.
في مدينة الموت يخبروك بأنها مدينة الحرية، لا تستطيع قوات العدو التجول في احيائها وأزقتها، لكن بإشارة واحدة وتنفيذ أصم تسقط أبراجها ترتطم بأصولها، وتبقى حكاية ورواية للإعلام الفلسطيني والدولي لأيام معدودة، ومن ثم يقيد ملف القضية ضد مجهول، وترقد الأوراق على رفوف أَرشيف في قائمة الذكريات، في مدينة الموت بعد كل انتصار موهوم تسمع المناشدات من أعلى رأس الهرم في الحكومة اللاشرعية حتى أسفله، تارة للمطالبة بالدعم المادي لبناء ما تهدم، وتارة لتحويل المصابين للعلاج في الخارج لضعف الإمكانيات، ويسقط النصر.
في مدينة الموت يهاجر الشباب لأرجاء المعمورة طلباً للقمة العيش، أملاً في حياة جديدة كريمة بعيدة عن أصوات الانفجارات وصوت المدافع، يهاجرون من أجل صناعة مستقبل باهر بعيداً عن المناكفات السياسية والجرائم التي ترتكب بحق جيل كامل منذ ١٥عاماً من التيه داخل حدود الوطن، رحلوا من موطنهم هرباً من التفسخ والتمزق الذي أصاب المجتمع الغزي، حالة من القرف والاشمئزاز انتابت كل مواطن فلسطيني في قطاع غزة المحتل.
كاذب من قال غزة محررة، وكذوب من قال ان غزة منتصرة، ومخادع من يخبرك بأن غزة في أوج ازدهارها، وكل شيء فيها على ما يرام.
في مدينة الموت من خرج من ملته وانتحر، وإن تعددت أساليب وأشكال الانتحار، وآخرون يبكون على سنون أعمارهم المنتهية فعلا ً والباقية زيفاً، ومنهم من حاول ويحاول التغيير عبر التبكير في الهروب من أجل لملمة ما تبقى من سنوات العمر، لكن الحظ لم يحالفهم، ويلاقوا حتفهم غرقاً في مياه المتوسط، تلاعبهم الأمواج الى حين غير معروف، هاجروا من أجل أن يحيوا كان الموت رفيق دربهم، رحلوا بكامل قواهم الصحية عادوا على نعوش وأكفان وأعلام فلسطينية.
في مدينة الموت يُطالب الكتاب والمثقفين بإنهاء الانقسام وهذا ما عبر عنه الكاتب الفلسطيني طلال عوكل في مقاله متى يصبح المسؤول مسؤولا ً؟
ولكن هل في مدينة الموت يوجد مسؤول؟
لا وإنما المسؤول خارج أسوارها بعيداً كل البعد من حدودها، ولا يسعني الا الإجابة على الكاتب الكبير طلال عوكل " اسمعت لو ناديت حياً"
تنتظر فرحة العودة أم نسيم عبير الوحدة، أم تنتظر الموت.
ففي مدينة الموت لا تشم إلا رائحة الموت!! الى متى ومضى ١٥ عاماً على المدينة الحزينة بلا حياة وبلا أمل.