ads image
علم 24 #غزة_تُباد
علم 24

مقالات

المضحك المبكي- كبار ومتفوّقون ولكن...

01/01/2023 الساعة 02:38 (بتوقيت القدس)

الكاتب: جميل السلحوت

 

لم أعد أتفاجأ عندما أرى بعض الأشخاص، يكتبون ألقابا أدبيّة لأنفسهم على صفحاتهم في مواقع التّواصل الإجتماعيّة والإلكترونيّة، مثل: الشّاعر، القاصّ، الرّوائيّ، الفنّان، المسرحيّ، النّاقد..إلخ، فعدت بذاكرتي إلى مبدعين كبار، كانوا يكتبون اسمهم فقط دون أيّ لقب مثل: محمود درويش، سميح القاسم، فدوى طوقان، إميل حبيبي، نجيب محفوظ، عبدالله البردوني، الجواهري، محمود شقير، ابراهيم نصرالله، وليد سيف وغيرهم، ولمّا حاولت قراءة بعض كتابات أصحاب الألقاب، وجدتهم في غالبيّتهم بعيدين عن ألقابهم بعد السّماء عن الأرض.

أمسيات شعريّة:

لن أكشف سرّا عندما أقول أنّني أستمتع أثناء مطالعتي للشّعر، وأستمتع أكثر عندما أسمع شاعرا يلقي قصيدة له، ورغم أنّني أواظب على حضور ندوات وأمسيات شعريّة في القدس أو قريبا منها، لكنّني ابتعدت عن هذه الأمسيات؛ بعد أن مللت من سماع من يعتبرون أنفسهم شعراء، ويشاركون في هكذا أمسيات، ويجدون من يصّفّقون لهم، وهم بعيدون عن الشّعر آلاف الأميال.

جوائز:

رأيت على صفحات التّواصل الاجتماعيّ، من ينشرون شهادات ودروع وجوائز إلكترونيّة مفاخرين بها، وسمعت من أحدهم أنّه لو يجمع كلّ "الجوائز" التي حصل عليها، لما اتّسعت لها غرفة في بيته! فحزنت على هؤلاء؛ لأنّ أيّا منهم لن يستطيع الاحتفاظ بواحدة منها، لأنّها مجرّد رسومات إلكترونيّة كاذبة، والمحزن أكثر عندما تنهال عليهم التّهاني والمباركات بهذا "الفوز العظيم".

نصّابون ومحتالون:

ويلاحظ أنّ هناك من يزعم أنّه صاحب مؤسّسة ثقافيّة أو وطنيّة أو اقتصاديّة كبرى، فيوزّع ألقابا، ويقيم احتفالات يحضرها مسؤولون كبار، مع أنّه كذّابون ومحتالون على الشّعب والوطن، ولا علاقة لهم بأيّ مؤسّسة حقيقيّة. ومن الطّريف والمضحك المبكي أنّ هناك من يزعم أنّه يكرّم آلاف الأشخاص من ملوك ورؤساء دول ووزراء، ورؤساء جامعات، ومدراء بنوك، ومبدعين...إلخ، ويكتب بأنّه بتكريمه لهم سيحرّرهم من القمل والبراغيث والصّيبان التي تعشّش في رؤوسهم.

الألقاب الكبيرة:

ومن المضحك المبكي أنّ هناك من يطلقون على البعض ألقابا ما أنزل الله بها من سلطان، مثل: شاعر فلسطين، أو شاعر الوطن أو القدس، أو مبدع بحجم الوطن، أو صاحب أفضل ديوان شعر أو رواية أو مجموعة قصصيّة أو مسرحيّة...إلخ، لكن المحزن أكثر أن يتلقّفها البعض ويصدّقها ويفاخر بها، ورحم الله أجدادنا عندما قالوا " لا تقل أنا ما دامت النّساء تحمل وتلد". ورحم الله الشّاعر الكونيّ محمود درويش عندما قال في لقاء تلفزيونيّ " أخشى أن لا تكون أغنياتي"قصائدي" في المستوى المطلوب، وأنّ النّقّاد يتعاطفون معي لأنّي صاحب قضيّة".

وأطال الله عمر أديبنا الرّائع محمود شقير لأنّه قالها أكثر من مرّة "شكرا لكم، وسأتلافى أخطائي في كتاباتي القادمة"! مع أنّه لم يخطئ.

عقدة الأجنبيّ:

مع الأسف يوجد بيننا من يفاخر، بأنّه لا يقرأ لكتّاب محلّيّين أو عرب؛ لأنّهم لا يجيدون الكتابة! بل يقرأ لكتّاب أجانب، -مع أنّه لا يقرأ لهؤلاء ولا لأولئك-.

ويحضرني هنا أنّ بعض "المتمركسين العرب" يفاخر بأنّه معجب بالشّاعر الرّوسيّ بوشكين لأنّ لينين كان معجبا به، لكنّه غير معجب بالمتنبّي مثلا، مع أنّه لم يقرأ لهذا ولا لذاك.

ويحضرني هنا أيضا من يطلقون على بعض مناضلينا لقب" مانديللا فلسطين"، ونيلسون مانديللا -رحمه الله- مناضل من جنوب افريقيا أمضى في سجون النّظام العنصريّ البائد سبعة وعشرين عاما، بينما عمر البرغوثي أمضى في الأسر حتّى الآن ثلاثة وأربعين عاما، ووليد دقّة أمضى أربعين عاما وغيرهم كثيرون، ومن أسرانا من قضوا نحبهم في الأسر مثل الشّهداء عمر القاسم وناصر أبو حميد وغيرهم 232 أسيرا.

ارحموا قدسكم ووطنكم:

هناك مؤسّسات وهميّة تحمل اسم القدس أو فلسطين، أو الأرض المقدّسة وغيرها من الأسماء، وتقوم بتكريم البعض محلّيّا بأن تقدّم لكلّ منهم درعا خشبيّا لا تصل قيمته إلى خمسة دنانير، والمضحك المبكي أنّهم يخدعون مبدعين بارزين من العالم العربيّ، ويوهمونهم من خلال الإسم الوهميّ الذي يحملونه، والذي يوحي بأنّهم أكبر من وزارة الثّقافة ومن اتّحاد الكتّاب! ويستقدمونهم "لتكريمهم"، لا حبّا لهم، وإنّما ليطلبوا منهم تبرّعات يضعونها في جيوبهم.