ads image
علم 24 #غزة_تُباد
علم 24

مقالات

بين خطة الحسم ولقاء العقبة هوة كبيرة ...!

27/02/2023 الساعة 10:12 (بتوقيت القدس)

الكاتب : اكرم عطالله

قبل خمس سنوات ونصف السنة وبالتحديد في ذكرى توقيع اتفاق أوسلو الرابع والعشرين كان بنيامين نتنياهو يرسل رسالة تهنئة إلى بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الاتحاد الوطني حينها على نجاح الحزب بإقرار برنامجه السياسي الذي أطلق عليه «خطة الحسم»، قال عنه سموتريتش، إنه لا يتعارض مع رئيس الوزراء.

بعد الاتفاق على توزيع الصلاحيات بين سموتريتش وغالانت وحصول الأول على ما أراد بما يتعلق بالضفة الغربية، نشر على حسابه على «تويتر» تغريدة قال فيها، «من منطق إحساس كبير بالمسؤولية يسعدني قبول المسؤولية المدنية عن الاستيطان للتأكد كما وعدنا أن مواطني يهودا والسامرة لن يعودوا مواطنين من الدرجة الثانية في ظل حكومة عسكرية، في نفس الوقت سنعمل بتصميم كبير لوقف الاستيلاء العربي غير الشرعي على الأراضي المفتوحة في يهودا والسامرة وإقامة دولة فلسطينية في المنطقة».

كانت «خطة الحسم» التي قاتل زعيم «الصهيونية الدينية» لانتزاع صلاحيات تطبيقها تقوم على معادلة تضع الفلسطينيين أمام ثلاثة خيارات، وهي القبول بالعيش في الدولة اليهودية بلا مواطنة وحقوق أو الرحيل للدول العربية والتوطن هناك أو أن يواجهوا ردة فعل عسكرية قوية في حال تصدوا لتطبيقها. ويقول صاحب الخطة الغارق في نصوصه الدينية، إنه استوحاها من الإنذار الذي بعث به يهوشع بن نون عشية اقتحامه مدينة أريحا، ويقول، إن يهوشع أنذر أهل أريحا بأن «من هو مستعد للتسليم بوجودنا هنا فليسلم، ومن يريد المغادرة فليغادر، ومن يختار القتال فعليه أن ينتظر الحرب».

من حق مصر والأردن أن تبديا هذا القلق الذي ترافقه حركة نشيطة من الدولتين بدأت فور الإعلان عن حكومة نتنياهو وخصوصا أن البدائل الثلاثة المطروحة تشكل تهديدا للعاصمتين لكن يبدو الثالث أكثرها ترجيحا، فالفلسطينيون لن يسلموا بالحكم الإسرائيلي للضفة وإلا لوفروا على أنفسهم مشقة ومعاناة كفاح مؤلمة تستمر منذ أكثر من نصف قرن ولن يهاجروا إلى الدول العربية فلن يبقى غير خيار الحرب، ولكن في إطار تلك الخطة التي تبدو برنامجا سياسيا للحكومة تختفي السلطة الفلسطينية بل ويصبح إنهاؤها ضرورة إسرائيلية.

هي وصفة الحرب الدائمة التي ستؤدي إلى هجرة جزء من الشعب الفلسطيني نحو الأردن الذي يعاني، وتترك الخطة غزة للفلسطينيين «ليس صدفة أنها لم ترد في الاتفاقيات الائتلافية» ولكن هذه المنطقة الصغيرة (360 كيلومترا) المطلوب عزلها وتحييدها لتهتم بأمرها لن تتسع للكتلة البشرية المتزايدة والتي وصلت إلى مليونين و375 ألف نسمة، وبالتالي تصبح الحاجة للعودة لخطة غيورا آيلاند لاقتطاع جزء من الأراضي المصرية وتوسيع القطاع ليحتمل تلك الزيادة بلا مشاكل تؤثر على إسرائيل.

هنا يرجع قلق المصريين والأردنيين لتنضم لهم السلطة التي تجد نفسها أمام مصير مجهول، لأن تلك الدولتين اللتين شاء قدرهما الجغرافي أن تكونا شريكتين للفلسطيني في مساره التاريخي ومن يراقب المنطقة يمكن ربما على سبيل فانتازيا السياسة أن يلاحظ عملية الإفقار ليس المصادف للدولتين وإضعاف مصداتهما الدفاعية أمام أي مشروع فهما دولتان صديقتان للولايات المتحدة وتتكفل بدعمهما سواء بشكل مباشر أو بالإيعاز للحلفاء حين يلزم، ولكنهما الدولتان الأكثر فقرا بعد لبنان والأخير له أسبابه الخاصة «احتجاجات الأردن بسبب الغلاء وضعف الجنيه المصري مع تزايد النمو السكاني الهائل».

هذا اليوم، ينعقد لقاء العقبة ويثير القلق لدى الفلسطينيين، ويأتي بعد إهانة تلقاها العالم بدءا من البيت الأبيض مرورا بالعواصم العربية فور الاتفاق على تهدئة مع إسرائيل مقابل تنازل الفلسطينيين عن شكواهم في مجلس الأمن وإذ بها ترتكب مجزرة في نابلس ، إذ إسرائيل تطلب من العالم التدخل لوقف ردة الفعل الفلسطينية بينما الفعل الإسرائيلي لن يتوقف وهو أبعد من أحداث أمنية عشوائية بل يترافق مع استيطان ومشاريع كنيست، فلماذا يعقد هذا اللقاء مع من يعرفون مسبقاً أنه مخادع ولماذا يشارك الفلسطيني الذي دفع، الأسبوع الماضي، ثمن الخداع مرتين؟.

الأداء السياسي الفلسطيني ومعه العربي لا يتناسب مع جسامة اللحظة ولا مع الفرصة التي توفرت بحكومة دينية متطرفة في إسرائيل ولا مع ما ينبغي أن تكون معاملتها، فهذه حكومة غير مقبولة على العالم ينبغي استدعاء كل ممكنات قوة الضغط العربي للجمها ورفع البطاقات الحمراء في وجهها ووجه البيت الأبيض لا تدليلها، تستوطن وتعربد وتُصعّد وتكسر التهدئة متى أرادت وتريد من العرب أن يقتصر دورهم كرجال إطفاء الحرائق التي لا تتوقف عن إشعالها دون أي بعد سياسي. هذا ما يجب أن يقرأه العرب حيث بات من الضروري تغيير السياسات العربية ارتباطاً بتغيير السياسات في إسرائيل لا مجاراتها أو مهادنتها.

بين «خطة الحسم» والأمن القومي للقاهرة وعمان صدام كبير يتطلب استنفار الفكر السياسي العربي لإيجاد خطط التصدي له، لا مجاراة إسرائيل في تهدئة الفلسطينيين في رمضان أو إيجاد حلول لقصة هنا أو هناك. وطالما أن الأمن القومي العربي بات مهددا بشكل لا ينبغي الاستهانة به مع خطط سموتريتش أصبح من الضروري أن تبحث السياسة العربية عن كيفية الوقوف أمامه بحزم لا الاستمرار في اللقاء معه لتكرار قصة التهدئة والتصعيد، فيما مشروع إسرائيل يتقدم بكفاءة ليس فقط على حساب الفلسطينيين بل يشكل تهديدا حقيقيا للعاصمتين ... وربما عواصم عربية أبعد ...!