ads image
علم 24 413 يوماََ و #غزة_تُباد
علم 24

مقالات

التمحور في غزة لمواجهة المركز حاجة حزبية أم وطنية

17/12/2022 الساعة 11:59 (بتوقيت القدس)

بقلم: د. طلال الشريف

أصبحت غزة ملاذا للمعارضة الفلسطينية وتمركزها بعيدا عن المركز أصبح ظاهرا للأعيان فهل ينم ذلك عن قوة أم ضعف؟
ولمعرفة ذلك لابد من النظر بوضوح لدوافع هذا التمركز فالمعارضة من خارج المركز هي صفة ضعف وتتأخر في حسم معركة الصراع الداخلي رغم أن غزة لا تعتبر دولة خارجية تتمركز فيها قوى معارضة متعددة، لكن وضع غزة وانفصالها الجغرافي يحد من تراكم القوة خاصة وأن بها سلطة أخرى لها ما لها من عناصر الحكم المشابهة لحكم المركز في رام الله وهي لا تمثل نموذجا ديمقراطيا وشفافا أفضل من سلطة المركز بل نكاد نجزم أن في رام الله نوعا أفضل من الشفافية على الأقل في الاعلان عن الموازنات والمصروفات وعدالة توزيع الوظائف أي بمعنى مازال عصب قوة أي حكم أو سلطة أفضل وضوحا في قضايا الموازنات المعروفة للجميع والأقرب للشكل القانوني رغم ما يشوب من فساد بعض التصرفات يوازيه متابعة مستمرة من الدول الداعمة لسلطة المركز في رام الله لأن الدول الداعمة للسلطة لها مقاييس أكثر شفافية من دول الدعم لسلطة غزة القائم على علاقات فكرية وتحالفية خارجية وهي امتدادا لفكر سلطة حماس أي قطر ايران تركيا، وهي أنظمة بالمقاييس غير ديمقراطية وتغيب فيها الشفافية والمراقبة والمحاسبة، وهذا بنقلنا للب موضوع المعارضة وعلام يعارضون، هل هي معارضة من أجل القضية الوطنية حقا أم من أجل حقوق في النظام السياسي مثل قضايا الانتخابات وتبادل السلطة؟

إن كان تمركز معارضة سلطة رام الله أصبح في قطاع غزة للضغط في اتجاه تغير في النظام السياسي فهذا يحتاج العمل في المركز أي في رام الله حتى في أقصى ظروف القمع والاعتقال وهي ليست فسحة وسياحة للهرب من المواجهة الحقيقية المعروفة تاريخيا لكل المعارضات في كل الشعوب، أما أن تفضل المعارضة وخاصة المعارضة الوطنية حالة الاسترخاء والأريحية وتجنب الصدام والعقوبات فهذه ليست سياسة بل هي سياحة سياسية لا تريد دفع الثمن، أما الطرف الاسلامي المعارض فله قصة أخرى بدأت ومازالت مستمرة تختلف عن معارضة الوطنيين لتغيير النظام لأن هدف الاسلاميين هي حالة إحلالية ترفع شعار المشاركة لكن في جوهرها هي استئصالية للنظام الفلسطيني بمجمله وهنا نقطة الضعف الأخرى التي لن تجدي في التغيير، بمعنى لدى تمحور المعارضين في غزة حالة ضعف وليست قوة للسببين اللذين ذكرناهما، الأول البعد عن المواجهة الحقيقية جغرافيا والثاني تناقض الهدف العام للمتمحورين، ولذلك لم تنتج تلك المعارضات سابقا، ولن تنتج آنيا، ومستقبلا، وتصبح شعارات، والغالب وطبيعة هذا الوضع أن كل جماعة معارضة في غزة تحاول احتواء الآخر، والقوة الأكبر تسحب القوى الأصغر لأهدافها، هكذا هي السياسة، وفجأة ستجد المعارضة الوطنية نفسها في حالة استخدام آني من قبل حماس وسيتغير بالتأكيد بالضبط كما حدث إبان الثورة الإيرانية وأطياف المعارضة قبل اسقاط الشاه من يساريين واسلاميين وقوميين وليبراليين وأدار الإسلاميون مرحلة قصيرة منحوا خلالها تشكيل لحكومة يرأسها علمانيين ويساريين وما فتئوا أن انقض هؤلاء الاسلاميون على الحكم واستأصلوا الأغيار وفرضوا نظام الملالي وذهب اليساريون والوطنيون بخفي حنين، بل استؤصلوا وطوردوا خارج النظام وخارج البلد.

أنا لا أفهم هذا التمحور في غزة لمعارضين خليط بين وطنيين وعلمانيين واسلاميين وبين من يرفعون شعار تغيير نظام عباسي في رام الله قمعي ديكتاتوري ويتحالفون مع أحزاب دينية لا تؤمن بالديمقراطية لا فكرا ولا ممارسة أصلا، أي بين من يريدون الديمقراطية ويعدون شعبهم بها وبين أحزاب لا تؤمن بالديمقراطية وتبادل السلطة وثبت ذلك بتجربة حكمهم لغزة ومواصلة الانقسام بحجة المقاومة، وهذا ليس دفاعا عن الفشل الكبير في كلا السلطتين أي أنك أيها الوطني المدعي الديمقراطية تهرب من نظام فاشل للتحالف مع نظام أفشل، ولا تقلي بأنك تبحث عن القضية الوطنية وزيد أفضل من عبيد، فكل الفصائل تبحث عن السلطة ولا يهمها الوطن وإلا لانتهى الإنقسام سريعا الذي ذبح القضية الوطنية من الوريد للوريد، ومازالوا يتجعوصون والبلاد تضيع والشعب يهاجر، والمعارض أو من غير حزبهم لا يجد وظيفة عند الطرفين والمريض لا يجد علاجا والمواطنين مازالوا يهاحرون خارج غزة والضفة هروبا من جحيم الحكام وليس من الاحتلال فهل وجدتم واحدا يهرب من الضفة وغزة خوفا أو ضيقا من الإحتلال؟ لا فهم يواجهون الاحتلال بصدور عارية.. والأحزاب مازالت تدير قرص المال والنار لرغيف حزبها.


ملاحظة:
جرب أيها المعارض الهارب من رام الله لتعارض من غزة أن تنتقد فعلا فساد وقمع وتمييز حكم حماس وستدفع ثمن أكبر من دفع الثمن الذي هربت منه، المعارض شجاع يدافع عن قناعة ولا يحتاج لأريحية وسياحة سياسية ومسح جوخ لأي كان.