مقالات
الدبلوماسية الفلسطينية في الأمم المتحدة .. إنجازات وفرص
تقدمت فلسطين بطلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية ICJ حول ماهية الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، حيث اعتمدت اللجنة الرابعة للجمعية العامة الأمم المتحدة، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية هذا القرار بطلب رأي استشاري من أعلى هيئة قضائية دولية، من محكمة العدل الدولية، حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس.
حيث صوتت (98) دولة لصالح القرار، و(52) دولة امتناع، و(17) دولة ضد.
١٧ دولة صوتت ضد القرار وهي:
كندا، استراليا، النمسا، استونيا، ايطاليا، المانيا، ليبيريا، ميكرونيسيا، الولايات المتحدة، بالاو، ليتوانيا، جزر مارشال، نورو، التشيك ، غواتيمالا، هنغاريا واسرائيل.
٥٢ دولة امتنعت عن التصويت وهي:
البانيا، اندورا، بيلاروس، بلغاريا، البوسنة، بروندي، الكاميرون، كولومبيا، كوستاريكا، ساحل العاج، كرواتيا، قبرص، الاكوادور، تايلاند، توغو، أوروغواي، اريتريا، اثيوبيا، جورجيا، اليابان، غانا، هايتي، هندوراس، الهند، لاتفيا، ليشتنشتاين، مونتينغرو، ميانمار، ماسيدونيا الشمالية، النرويج، الفلبين، كوريا، مولدوفا، رومانيا، رواندا، سان مارينو، صربيا، سلوفاكيا، جزر السولومون، جنوب السودان، الدنمارك، قبرص، اليونان، فرنسا، فنلندا، اسبانيا، هولندا، نيوزيلاندا، السويد، سويسرا، ايسلندا، موناكو، والمملكة المتحدة.
وأشار الطلب الفلسطيني من محكمة العدل الدولية الإجابة عن السؤال حول طبيعة وشكل هذا الاحتلال طويل الأمد، وغير القانوني وجرائمه، وضرورة تحديد مسؤوليات وواجبات إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، والمجتمع الدولي ككل، والأطراف الثالثة، والمنظمة الأممية في انهاء هذه الظاهرة التي تشكل جذر الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وعدم الاستقرار، والسلم والامن في المنطقة.
قد نعتبر نتيجة التصويت بشكلٍ عام كنجاح دبلوماسي يسجل للجهود الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية، جاء رد الفعل الاسرائيلي هستيريا ورفضوا هذا التصويت على اعتبار انه يمثل "خطوة أحادية الجانب" من قبل الفلسطينيين فاعتبروه مخالفا لعملية السلام والاتفاقيات الموقعة. نقطة النقاش من الجانب الاسرائيلي مثيرة للجدل، حيث ان الجانب الاسرائيلي لا يحترم منظمة الأمم المتحدة ولا أي من هيئاتها، الحديث عن حل الدولتين يتطلب إنهاء الاحتلال بالدرجة الأولى ويتطلب اعترافا فوريا بالدولة الفلسطينية، او على الأقل تحديد حدود دولة اسرائيل التي اعترف بها المجتمع الدولي قبل ٧٤ عاماً تجسدت باحتلال يتبنى نظاما كولونياليا استعماريا يمارس جرائم الابارتايد وضد الإنسانية ولا يحترم أيا من القوانين والشرعيات الدولية.
هذا التصويت جاء بتاريخ ١١/١١ وتبعه التصويت على عدة قرارات اخرى بتاريخ ١١/٣٠، نجحت فلسطين بالحصول على أغلبية فيها مثل:
- قرار بشأن الحل السلمي للقضية الفلسطينية
33 - A/77/L.26
Peaceful settlement of the question of Palestine.
- قرار بشأن برنامج معلومات عن القضية الفلسطينية ودائرة التواصل الدولي في السكرتاريا
33 - A/77/L.25
Special information programme on the question of Palestine of the Department of Global Communications of the Secretariat
- قرار بشأن الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني
33 - A/77/L.23
Committee on the Exercise of the Inalienable Rights of the Palestinian People
- قرار بشأن استقلالية دائرة فلسطين في السكرتاريا مادياً
33 - A/77/L.24
Division for Palestinian Rights of the Secretariat
التصويت بأغلبية هو نجاح دبلوماسي متراكم لفلسطين، لكن الدول التي عارضت او امتنعت عن التصويت في معظمها مع حل الدولتين، وهناك سياسة واضحة ومستمرة لبعض الدول سواء بالرفض او الامتناع. وهنا نرى أنه يتوجب على وزارة الخارجية الفلسطينية، وعملاً بأبجديات العمل الدبلوماسي استدعاء ممثلي وسفراء هذه الدول ودول الاتحاد الاوروبي تحديداً ومطالبتها بتوضيح موقف حول الاستعمار والاحتلال وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره! من حق وواجب الفلسطيني ان يتابع مع الدول حول تصويتها، لمحاولة تغيير هذه السياسة، ضروري الانتباه ان الدول التي صوتت ضد مشروع قرار طلب عضوية فلسطين في الامم المتحدة منذ 2011، ما زالت تصوت ضد حتى يومنا هذا، ضروري وضع خطة للتعامل مع هذه الدول، فبرغم صغرها جغرافياً او سياسياً الا انها تملك صوتا في هذه المنظمة الدولية كغيرها من الدول.
الخطوة الفلسطينية بطلب رأي استشاري تشكل تقدما إيجابيا بمبادرة فلسطينية للخروج من دائرة التفاصيل الى توجيه الجاذبية حول "الاحتلال" وضرورة التعامل معه بشكل مباشر قبل الحديث عن اي شيء آخر.
أدوات الدبلوماسية مهمة ويجب البناء عليها بالتوازي مع أدوات أخرى، فلا نستطيع إنكار حقيقة أن هناك اكثر من ٨٠٠ قرار جمعية عامة وأكثر من ١٠٠ قرار مجلس أمن لصالح الحقوق الفلسطينية، إلا أنها غير نافذة! الأمم المتحدة أصدرت قرارات واضحة حول حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، حول الاستيطان، حول اللاجئين، حول القدس وحول الاعدامات والجرائم المتكررة، الا أنها ما زالت تعيق تنفيذ هذه القرارات تحت مسوغ ضرورة اتفاق الجانبين على العديد من المسائل.
توازياً مع هذه الإنجازات، تتعالى الأصوات المشككة بفعالية وأهمية الجهود الدبلوماسية، وتظهر تساؤلات إن كانت الدبلوماسية فعلاً الأداة التي يجب أن نعول عليها كفلسطينيين أم لا؟ هي من أهم أدوات السياسة الخارجية ولكنها تحتاج للتخطيط والصبر لأنها تراكمية. بنفس الوقت، الجهود الدبلوماسية الفلسطينية في الامم المتحدة مهمة جداً ونتمنى ان نرى تصويتاً على قرارات تخص النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس وخطورة عنف وإرهاب المستوطنين. وأن نتقدم بقرار للإفراج عن المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال وقرار بالإفراج عن جثامين الشهداء كمطالب إنسانية بحتة.
هناك إنجازات فلسطينية على الساحة الدبلوماسية الدولية لا نستطيع تجاهل أهميتها، بل على العكس لا بد من تكثيف الجهود الدبلوماسيّة الرسمية والعامة.
قرار محكمة العدل الدولية، فيما إذا خرج، يمكّن الفلسطينيين من الخروج من مسوغ المحادثات السلمية، لان موضوع الاحتلال يصبح بقرار دولي مسألة قانونية وليست موضوعا للتفاوض.
الدبلوماسية على أهميتها هي أحد الادوات، وهذا لا يعني أنها الادارة الوحيدة، لا بد من العمل بالتوازي وتوظيف كافة الوسائل المتاحة خدمة للقضية الفلسطينية.
- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.