مقالات
بعد 7 أشهر على السابع من أكتوبر: "إسرائيل" أمام فشل أكبر
كتب: سليمان أبو راشد
أعادت موجة الاحتجاجات الّتي شهدتها الجامعات الأميركيّة تنديدًا بالحرب على غزّة، إلى الأذهان حركة الاحتجاجات المناوئة لحرب فيتنام والمظاهرات المندّدة بنظام الفصل العنصريّ الجنوب أفريقي الّتي سبق أن شهدتها هذه الجامعات في ستّينيّات وثمانينيات وتسعينيّات القرن الماضي، وفي جميع هذه الاحتجاجات الطلّابيّة التاريخيّة كان حضور جامعة كولومبيا رياديًّا ولافتًا.
وبعد نحو 16 عامًا على احتجاجات عام 1968، أي في عام 1984، قام طلّاب جامعة كلومبيا بالتجمّع أمام مدخل قاعة هاملتون، وهي إحدى القاعات الّتي جرى احتلالها خلال الاحتجاجات على حرب فيتنام، في احتجاجات مناهضة للفصل العنصريّ للضغط على جامعتهم من أجل سحب استثماراتها من جنوب أفريقيا، وهي القاعة نفسها الّتي احتلها الطلّاب بعد 39 عامًا باحتلالها مؤخّرًا احتجاجًا على حرب الإبادة الّتي تشنّها إسرائيل ضدّ غزّة.
وفي جامعة كاليفورنيا تجمّع عام 1985، آلاف الطلّاب في ساحة سبرول في حرم الجامعة احتجاجًا على علاقات الجامعة التجاريّة مع نظام الفصل العنصريّ في جنوب إفريقيا، وأدّت الاحتجاجات في جامعة كاليفورنيا في النهاية إلى سحب استثمارات ملياريّة من حكومة الفصل العنصريّ في يوليو من عام 1986 حيث صوت مجلس أمناء الجامعة على سحب 3.1 مليار دولار من الشركات الّتي تتعامل مع البلاد. في ما اعتبر أكبر سحب للاستثمارات الجامعيّة في الولايات المتّحدة.
وتنضمّ احتجاجات الجامعات الأميركيّة إلى الجبهة العالميّة المناهضة لحرب الإبادة الّتي تشنّها إسرائيل على غزّة، والّتي أعادت القضيّة الفلسطينيّة إلى جدول الأعمال الدوليّ، وعرّت وأظهرت الوجه الحقيقيّ لإسرائيل كدولة استعمار استيطانيّ ونظام فصل عنصريّ يجب مقاطعتها.
في غضون ذلك: بات الاعتراف بالفشل هو الرأي الغالب في أوساط المعلّقين العسكريّين والسياسيّين الإسرائيليّين من جنرالات الاحتياط وجنرالات الإعلام الإسرائيليّ الّذين ضجّت محطّات التلفزة والمواقع الإخباريّة بعنجهيّاتهم على مدى الأشهر السبعة الماضية من حرب الإبادة الّتي شنّتها إسرائيل على غزّة.
وبتنا نرى جنرال احتياط مثل عاموس يادلين ينزل من علياء لهجته المتعجرفة ليقرّ أنه يجب التحقيق في فشل السبعة أشهر الماضية من الحرب، وليس فقط في فشل السابع من أكتوبر، معترفًا بأن عمليّة رفح هي ليست أكثر من ورقة ضغط على "حماس" من أجل الموافقة على صفقة تبادل أسرى، ونسمع الجنرال الأكثر تطرّفًا، صاحب نظريّة تجويع غزّة وتعطيشها غيورا إيليند يقول، إن الوضع يبتعد أكثر وأكثر من أن يكون "انتصارًا مطلقًا" بل هو سيّئ… وأن إسرائيل غير ذاهبة إلى أيّ مكان جيّد، ولا يمكنها الوصول إلى أيّ نتيجة في غزّة بالاعتماد على "النصر العسكريّ"، في وقت لا تمتلك أيّ وسيلة ضغط حقيقيّة على حماس وهذا، بتعبيره، "وضع محزن".
إسرائيل وجدت نفسها أمام مسرب طرق مغلق من جميع الاتّجاهات، من النوع الّذي نواجهه في لعبة الشطرنج، وضع أصبح فيه الذهاب إلى أيّ اتّجاه كان ليس خيارًا جيّدًا، فإذا ذهبنا إلى رفح سنكتشف أن هذا الذهاب يكمل فقط الإنجازات التكتيكيّة في تفكيك أربع كتائب أخرى والوصول إلى "محور فيلادلفي"، كما يقول الجنرال احتياط جرشون هكوهين، الّذي يرى أن هذا الذهاب لن ينهي المهمّة، علمًا أن ذلك غير مرتبط فقط باليوم التالي، بل هو يرتبط أيضًا بالرفض الداخليّ لأن نحتلّ ونمكث في الأراضي الّتي نحتلّها؛ ممّا يجعل السؤال المتعلّق بتحقيق إنجاز معيّن أكثر إلحاحا، وهو سؤال سيسلّط علينا إذا ما واجه ذهابنا معارضة كبيرة من الولايات المتّحدة وجهات أخرى…
أما بالنسبة لحماس فيرى هكوهين، أن الذهاب إلى رفح من عدمه لن يشكّل فارقًا جوهريًّا بالنسبة لها، وأنه "كيفما رتّبنا أهداف الحرب الّتي حددناها أمام حماس في قطاع غزّة، فإننا سنواجه وضعًا يدفعنا نحو هزيمة غير مسبوقة ـ يضاف إليها عقوبات دوليّة كاملة وذلك، حتّى لو أكملنا إنجازنا في رفح" يضاف، وهذا الوضع الناتج بلسان الجنرال عاموس جلعاد عن غياب استراتيجيّة، من شأنه أن يؤدّي برأي البعض إلى تراجع تاريخيّ وربّما إلى انتحار جماعيّ كما يحذّر الجنرال يتسحاق بريك الّذي سبق أن حذّر من السابع من أكتوبر.