ads image
علم 24 412 يوماََ و #غزة_تُباد
علم 24

مقالات

تستحق السعادة التي في داخلك

02/01/2023 الساعة 12:15 (بتوقيت القدس)

الكاتب: اياد اشتية

 

وتحن نعبر إلى بدايات جديدة في كل عام، تأملت ما يعبر عنه الناس من ذكريات واماني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فوجدتها منقسمة ما بين ألم وحزن، وفكاهة وسخرية، وفرحة وسعادة، هذه التوجهات لاحظتها عند الأغلبية، وآخرون يمرون مع الأيام والسنوات دون أن يجدوا لأنفسهم مساحة للتعبير، إما أن يكونوا قد فقدوا الأمل واستسلموا بأن لا شيء سيكون أفضل، وإما غير مباليين من الأساس بما ذهب وما يعيشون وما قد سيأتي.

 

فليقف كل منا للحظة ويتحدث مع نفسه، ويسألها بماذا مررتي؟ سؤال بسيط في تركيبته معقد في إجابته، سيرينا جواب هذا السؤال أننا نسير في قطار العمر، نقف على محطة الانتظار نتأمل عام مضى وآخر سيأتي، يكاد هذا المشهد يتكرر في مخيلة كل إنسان، تتداعى فيه الأحداث الصعبة لتحتل المقاعد المتقدمة في حفل الذكريات وبانوراما العام الذي يغادر، وكأننا برمجنا أنفسنا لأن نكون ضحايا، وأننا شهدنا وحدنا أيام صعبة، نكرر في دعواتنا ألا يتذوق طعمها أحد، ونبذل جهداً وافراً في استذكار القليل من لحظات السعادة وكأن السلبية تغلف دواخلنا دون أن ندري.

 

يعجبني ما تناوله العالم "ألفريد آدلر" مؤسس علم النفس الفردي في نظريته، التي ترى الإنسان مدفوعاً في حياته بدوافع اجتماعية، وأن سلوكه هادف وواعي، يبدأ في تشكيل مقاربته للحياة من خلال الاختيار والمسؤولية، ومعنى الحياة، والكفاح من أجل التفوق والكمال والاتقان، وأنه يمتلك القدرة على التأثير والتفسير وخلق الأحداث، وبإمكانه أن يصبح ويكون ما يريد، فما يولد مع الانسان ليس هو القضية المركزية، بل ما يفعله بالإمكانيات التي لديه الآن هو الأهم.

 

هو لم ينكر ما مر به من خبرات، على العكس اهتم بأدراك الانسان للماضي وكيفية استمرار تأثير هذه الإدراكات عليه، لكنه لم يعتبر تلك الخبرات هي المؤثرة، بل ركز على أن اختيار الفرد لأسلوب حياته وتنمية اهتمامه الاجتماعي هي أساس تكوين شخصيته، بالتالي هو يختار توقعاته وأهدافه المستقبلة بنفسه، منطلقاً من أن السلوك الإنساني هو سلوك هادف يرتبط بغايات معينة، وبالتالي قراراته وأهدافه المرتبطة بالمستقبل مبنية على خبرات تعرض لها الفرد في حياته الماضية هي بين يديه الآن إما أن يبقى في دوامة السلبية، وأما أن يستثمر الخبرات المؤلمة ليحولها لإيجابية.

 

لو تأملنا قليلاً في هذه الجزئية التي عبر عنها "أدلر" لرأينا أن جوهر معتقداتنا وفرضياتنا هي من توجهنا في حياتنا وتنظم تفكيرنا وواقعنا ورؤيتنا للمستقبل، وهذا ما نسميه "أسلوب الحياة" وهو بمثابة التعبير الذي يضم إدراكنا نحو أنفسنا، وطريقة تفكيرنا، وأدائنا السلوكي، ومشاعرنا، وكفاحنا لتحقيق أهدافنا ولو كانت بعيدة المدى، ولكل إنسان أسلوبه الخاص به، وهو نمط استجابي نتبعه لمواجهة تقلبات حياتنا اليومية.

 

 

بالتالي، نحن من نصنع مزاجنا وأفكارنا وتأملاتنا، جميل أن نقنع أنفسنا بمحبة أنه ينبغي علينا الخروج من الدائرة الضيقة، وأن ما نمر به لم يمر على انسان، فهناك الكثيرين من حولك يعيشون ظروفك ذاتها ويصنعون من هذه الظروف حافز للتأقلم، تماماً كالنبتة التي تنمو في شق صخري في الصحراء، تنمو وتكبر رغم كل الظروف القاتلة للحياة من حولها، وهي تعيش وحدها هذه الظروف ومع ذلك تنثر سعادتها في أعين الناظرين.

 

جميعنا نتعرض لظروف صعبة، وهذه ليست المشكلة بحد ذاتها، إدراكنا وتعاملنا مع المشكلة هو الأهم، هذا يطرح سؤال للتفكر، لماذا نرى وردتان تعيشان على قارعة طريق، أو على شباك شرفة منزل ينموان بشكل مختلف؟ لماذا تكون أحدهما قد ذبلت في حين أن الأخرى آخذه بالنمو تتفتح يومياً لتحتضن أشعة الشمس وتزهوا جمالاً؟

 

لو أمعنا النظر في هاتان الوردتان لوجدنا انهما يعيشان الظروف ذاتها، الجو والحرارة المرتفعة والبرد والصقيع والتربة والرياح والماء والعناية، كل شيء، أذن ماذا حدث؟ فكر بالإجابة وحدك، وانظر لتفاصيل الحياة من حولك، وكم من البشر يتقاسم معك نفس الظروف، اختيارك أنت هو من يحدد لك توجهاتك المستقبلية إما أن تكون تلك الوردة التي ذبلت، وإما تكون من أغدقت بشذاها نبضاً وحياة.

 

خلاصة القول..

 

نحن جميلين في تكويننا، نعيش فرصة الحياة مرة واحدة فقط، فلنعيشها بإيجابية، مهما اختلفت الظروف وقست، لنرسم أسلوب حياتنا كما نريده نحن، فعندما تصبح على وعي بأسلوب حياتك التي تنتهجها بمسؤولية يكون بإمكانك حينها تعديل أي افتراضات خاطئة في ذاتك، بل ستعمل بلا أدنى شك على أحداث تغيرات أفضل، هناك طاقة مفعمة بالحب في دواخلنا.. فلنستثمرها..

 

أنت إنسان.. وجميل الروح.. تستحق السعادة التي في داخلك..