مقالات
لا لكتم الصوت! ونعم لحق النقد
الكاتب : بكر أبو بكر
شيع أهالي مخيم جنين الأبطال جثماني الشهيدين أدهم محمد باسم جبارين 27 عاما، وجواد فريد بواقنة 58 عاما اللذين ارتقيا برصاص الاحتلال فجرا، وانطلق موكب التشييع من أمام مستشفى جنين الحكومي إلى منزلي ذوي الشهيدين بالمخيم لإلقاء نظرة الوادع عليهما، ولأداء صلاة الجنازة على الشهيدين في مسجد المخيم قبل ان يوارى الثرى في مقبرة الشهداء.
طالب السيد الرئيس محمود عباس الإدارة الامريكية بالتدخل قبل فوات الاوان لوقف اجراءات حكومة الاحتلال المتطرفة التي تدمر ما تبقى من فرص تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة، جاء ذلك خلال استقبال السيد الرئيس بمقر الرئاسة في رام الله مستشار الامن القومي الأميركي "جاك سوليفان".
هاتف السيد الرئيس محمود عباس، المناضل ماهر يونس، مهنئا بالإفراج عنه من معتقلات الاحتلال، وثمن سيادته صمود المناضل ماهر يونس في معتقلات الاحتلال، حيث أمضى 40 عاما من عمره في السجون، وباتا من رموز شعبنا ومن أحرار العالم، واكد سيادته أن قضية الأسرى هي قضية الشعب الفلسطيني بأسره.
هذه نماذج ثلاثة من الأخبار اليومية التي نتداولها ونقرأ فيها ونحلل. فقد نتفق مع خطوات القيادة السياسية وقد نختلف، وهذا حقنا الطبيعي والدستوري.
وان اتفقنا باركنا ودعمنا وأشدنا وإن اختلفنا نصحنا او عبّرنا بالتزام، أو دفعنا باتجاه اختبار طريق مغاير، أو خيار آخر أو سبيل من السبل المتعددة التي تقبل فلسطين السير بها.
أما ام نسمع اخبار الاعتقالات للمخالفين على قاعدة الرأي الآخر! أو النقد او التوجه الاجتماعي او السياسي؟! من أي شخص في الجمهور الفلسطيني تحت مظلة السلطة فهو خارج عن سياق الاخبار النضالية السياسية أو الجماهيرية التي ندفع باتجاه تصعيدها بما يتوازى مع الانقلاب الصهيوني المتطرف لدى حكومة الكيان التي قررت تحطيم الدولة الفلسطينية القائمة تحت الاحتلال ورفض استقلالها. وقررت إغراق فلسطين في محنة لهم قد تؤدي لانتفاضة ضخمة لن تكون مريحة أبدًا للنظام الصهيوني الحاكم.
نعود لأخبار تواردت عن اعتقالات لمخالفين في الضفة الفلسطينية من فلسطين سواء لأعضاء من فصائل "الجهاد" او "حماس" أو "فتح" أو "الشعبية" على قاعدة المخالفة بالرأي السياسي أوالتوجه الفكري، وليس القاعدة الجنائية، ما يشكل طعنة لمفهوم الديمقراطية الذي كنا نباهي به كل الدول العربية على الأقل ونرفع رؤوسنا عاليًا عندما نعقد الندوات التي يحضرها جميع المختلفين ليقولوا ما يشاؤون وقد حصل ومازال كثيرًا.
لكن أن تكون هناك بعض الاعتقالات على قاعدة كتم الصوت السياسي الملتزم والمخالف فهو غير مقبول بالأمس واليوم وغدًا، لأنه ضار بالقضية الفلسطينية وضار بالفاعلين أنفسهم.
لقد اخترنا أن نبني مقومات الدولة الفلسطينية القادمة بإذن الله، مترافقة مع النضال الميداني (بين قبول ورفض لدى الفصائل والجمهور وبنسب مختلفة)، ومن أسس ذلك الحرية والعدالة والاحترام المتبادل وفن أو أدب الاختلاف، ومنه النقد الملتزم الذي يقبل الآخر ويعترف به ويجاوره، وإن خالفه فلا يتعرض له جسديًا او معنويا بالسجن أوبالملاحقة أوالتشويه.
نرفض كليًا ما دأبت على بثه من سموم بعض المواقع والفضائيات المشبوهة ووكالات الأنباء-لن أسميها- التي متى ما كان الخلاف مع قادتها أو رأيهم السياسي فالتهم جاهزة إما بالكفر أو العمالة أو على الأقل بالقيام بتلطيخ الصورة. ولا يهمهم ان يكون التلطيخ اخلاقيًا للأسف، ما هو خروج عن حقيقة الفهم لمعنى النقد والديمقراطية الذي تعلمناه في حركة فتح. وكتب فيه الرئيس أبومازن بكتابه: من أوسلو الى رام الله، كما كتب فيه المفكران الكبيران خالد الحسن وصخر حبش -ولحقنا بهم-وقد أصابوا فيما كتبوا رافضين فكرة التسلط والجبروت والاستبداد للقائد أوللأجهزة الأمنية أو الحكومية عامة، ورافضين فكرة التسلط القيادي مؤثرين جماعية القيادة من جهة مقابل الاحترام وادب الحوار والنقاش.
لتكف جميع الأيدي العابثة بالفكر العربي الفلسطيني عن فعلها، ولتكف جميع أيدي العابثين بسلامة النسيج الوطني بل والعربي والحضاري الجامع، ولنجعل أفعال المناضلين من أجل فلسطين خبزنا اليومي كما ابتدأنا الحديث، ولندع للجميع أن يأخذوا منصة للحديث والاتفاق والاختلاف مؤثرين الأطر الداخلية حين الإشارة بالاسم، والقنوات الإعلامية -والإعلامي الاجتماعي- العامة حين الإشارة للظواهر وبأدب الاختلاف، فنسلك مسلك الثورة والمقاومة والديمقراطية الملتزمة التي أرادها الخالد ياسر عرفات تلك التي تدع ألف زهرة تتفتح في بستان الثورة وبستان فلسطين.