ads image
علم 24 416 يوماََ و #غزة_تُباد
علم 24

مقالات

مخرجات القمة الثلاثية عامة واستعراضية

19/01/2023 الساعة 09:09 (بتوقيت القدس)

الكاتب: هبه بيضون

في البيان الختامي للقمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية التي عقدت يوم أمس الثلاثاء الموافق 17 كانون ثاني 2023 في مصر لبحث تطورات القضية الفلسطينية والأوضاع الإقليمية والدولية ذات العلاقة، أكّد القادة على ضرورة استمرارجهودهم المشتركة لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم على أساس حل الدولتين، وفق القانون الدولي والمبادرة العربية للسلام وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. يتطلب ذلك وضع ما هي السبل لتحقيق هذاالسلام المنشود، وما هي استراتيجية العمل الواجب اتباعها وما هي الآليات، على ألّا يتم اتّباع الاستراتيجية السابقة في التفاوض، والتي أثبتت أنها عقيمة، يجب النظر بجميع المتغيرات والظروف المحيطة، وتقييم المعطيات وتصنيفها من ناحية تلك الإيجابية التي يمكن أن نعتمد عليها في تحقيق الهدف، وتلك المعطيات السلبية التي تعمل بالاتجاه المعاكس، حيث أنّ صدور أيّ بيان لا يكفي إذا لم يكن هناك إجابة على أسئلة مثل: كيف يمكن تحقيق ذلك وما هي خطوات العمل وغيرها من التفاصيل.

كما شدّد المجتمعون على ضرورة توفير المجتمع الدولي الحماية للشعب الفلسطيني الشقيق وحقوقه المشروعة، وهذا مطلب يتكرّر من قبل القيادة الفلسطينية وفق أعمال العنف والاضطهاد والقتل والقمع والتمييز العنصري التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني، ولكن لم نجد لغاية اللحظة أيّ إجراء تمّ اتخاذه من قبل المنظمة الدولية والمجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف، كما أنني لا أعرف إن كان تم نقاش الخطوات التنفيذية الواجب اتخاذها لطلب ذلك من المجتمع الدولي بصورة رسمية، وماهية الحماية الدولية المتوقعة وشكلها، وإن كان تمّ تحديد الطرف أو الأطراف التي عليها أن تقوم بطلب تلك الحماية، والآليات التنفيذية لإيصال هذا المطلب إلى المجتمع الدولي المتمثل بالمنظمة الدولية (الأمم المتحدة)، حيث أنني أعتقد أنّ المناشدة والمناداة والمطالبة بذلك من خلال الخطب والبيانات تبقى مجرد شعارات ومطالبات تسمع في حينه ولا تطبق، وأتساءل إن كان تم وضع آلية للمتابعة في حال اتخذت خطوات جدّية في هذا السياق، والتي إن لم تتوفر، سيبقى الأمر كلام في كلام، ولن توفر أيّ نوع من الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الذي أصبح لا يبالي بما يصدر من بيانات ونداءات توضع في الأدراج دون خطوات عملية.

كما أشار البيان إلى تكاتف الجهود لإيجاد أفق سياسي حقيقي يعيد إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، محذراً من خطورة استمرار غياب الأفق السياسي، وهنا استوقفتني كلمة حقيقي، هل الأفق السياسي الذي كان موجوداً في السابق غير حقيقي، وما هو مفهوم كلمة "حقيقي" في هذا السياق، وكيف يمكن الوصول إلى أفق سياسي يختلف عن الذي سبقه والذي لم يكن كافياً ولم يلب طموحات الشعب الفلسطيني وحلمه في الاستقلال والحرية والعودة!! والأهم من ذلك هو تحديد أن يعيد هذا الأفق إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، ولكن السؤال الذي يطرح ذاته هو كيف يمكن لنا التحدث عن المفاوضات في ظل هذه الحكومة الفاشية المتطرفة، التي لا تعترف بأيّ من الأسس التي تقوم عليها أيّ مفاوضات، كيف يمكن اعتبار هذا الطرح الذي يبدو تحقيقه ليس بالأمر السهل في ظل الحكومة الحالية في إسرائيل.

أمّا التأكيد على ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين، والتي تشمل الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم والاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة للمدن الفلسطينية، وانتهاك الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، لم يذكر البيان كيف يمكن لنا تحقيق ذلك، هل سيكون بجميع الوسائل المتاحة، كيف يمكن للعرب بشكل عام وللفلسطينيين بشكل خاص وقف تلك الإجراءات الأحادية الجانب، التي تنفذ بميزان القوة، وهل نحن قادرون على إجبار إسرائيل على التوقف عن تلك الانتهاكات، وإن كان الجواب بالإيجاب، كيف لنا أن نجبرها وماذا يتطلب ذلك!!!

وبالنسبة لتأكيد القادة على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام، فقد أصبح هذا المطلب روتينياً من قبل جميع القادة والأفراد والشعوب وفي جميع الأوقات، وكان هناك عدّة مبادرات باءت بالفشل جميعها، آخرها مبادرة الرئيس الجزائري التي خرجت باتفاقية باردة غير شاملة وغير محددّة وخالية من الاتفاق على أمور أساسية، على الرغم من الضجة والتغطية الإعلامية التي صاحبتها، بدليل أنّ غزة لا زالت لغاية الآن تحت سيطرة حركة حماس ولم تعد إلى حضن الشرعية، بمعنى أنّ ذيول وتبعات التمرد والانقسام – سمه ما شئت - لا زالت موجودة. كان بالأحرى أن تخرج القمّة بما هو فوق العادي، وألّا تؤكد فقط على البديهيات، كضرورة توحيد الصف وإنهاء الانقسام، والمطلوب هو أخذ قرارات موجبة وتأخذ صيغة الأمر من قبل الأردن ومصر، وهما لاعبان أساسيان في المنطقة وفي الصراع، وكذلك في التأثير على حماس، ولديهما من الأوراق الرابحة ما يمكنهما الخروج ببيان يطلب من حماس تسليم غزة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث أنّ هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن نقول في حال تمّت، إنّ الانقسام قد انتهى، وحتى نتمكن من استكمال الجملة - إلى غير رجعة- وجب طلب ضمانات واضحة وصريحة من حماس بعدم إعادة الكرّة.

ما سبق لا يعني أنني أنكر أهمية القمة ورمزيتها، وإنما تبقى قمّة كسابقاتها إن لم يكن هناك خطوات عملية فورية لتطبيق مخرجاتها، فقد سئم الشعب الفلسطيني، وكذلك الشعب العربي من سماع شعارات وقرارات إما أنها غير قابلة للتنفيذ، أو أنها لم يتم وضع خطة عمل ومتابعة لتنفيذها، ولا توزيع للمهام لتحقيقها.

من يقول إنّ القادة اتفقوا على استمرار التشاور والتنسيق لبلورة تصور لتفعيل الجهود الرامية لاستئناف المفاوضات، أقول إن التصور يجب أن يكون موجوداً قبل إصدار البيان بالمخرجات، ومن يقول إنّ اجتماع القادة هو خطوط عريضة دون الخوض بالتفاصيل، وإنّ هناك لجان تشكل من المسؤولين المعنيين للقيام بضمان التنفيذ، أقول بأنّ الوقت قد حان لأن يتغير ذلك، لأنّ اللجان هي مقبرة القرارات وتنفيذها، ويجب على القادة أن يكون لديهم رؤية عملية تطبيقية واضحة حول آلية تنفيذ قراراتهم وألّا يتركوا هذه المهمة لآخرين لبحثها. وما لم يكن هذا الحال، تبقى القمم مجرد مجاملات وتبقى صورية وأعمال أكشن لإرضاء الشارع وإلهاء الإعلام.