مقالات
وجبة القتل الجديدة في مطبخ "إسرائيل" !
راقب سرب من "القوات الجوية الإسرائيلية" يلقّب بـ«الأفعى السوداء» ليلة الإثنين الماضي، قافلة لمنظمة "المطبخ المركزي العالمي" ثم وجّه مسيّرة من طراز "هيرميس 450" لملاحقة سيارتي دفع رباعي مصفحتين وثالثة غير مدرعة خلال سيرها متباعدة على طول طريق الرشيد الساحلي في غزة في اتجاه الحدود المصرية ثم أطلقت ثلاثة صواريخ من طراز سبايك، المصممة لعمليات "القتل الدقيق" فضربت المركّبات وقتلت 7 من موظفي "المطبخ العالمي" هم: الأسترالية قائدة الفريق - زومي فرانكوم، والبولندي - داميان سوبول، والبريطانيون - جون تشابمان وجيمس هندرسون وجيمس كيربي، والكندي ـ الأمريكي جاكوب فليكينغر، والفلسطيني - سيف الدين أبو طه.
كان أفراد القافلة قد نسقوا تحركاتهم مع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسبقاََ وأكدت منظمة "المطبخ العالمي" في بيان لاحق: أن فريقها حصل على تصريح لاستخدام الطريق، وكانت المسيّرة تحمل صورة واضحة لشعار المؤسسة الخيرية. وحسب خبير عسكري بريطاني: فإن السلطات العسكرية "ربما كانت تعرف حتى أسماء الأشخاص الذين كانوا في القافلة".
بعد إنزال حوالى 100 طن في مستودع سمع أحد فنيي منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني صوت انفجار الصاروخ الأول، وبعد دقائق التقط صوت انفجار صاروخين آخرين، وأظهرت الصور أن السيارة الثالثة، الأقل تحصينا تعرضت لأضرار أكثر جسامة، وحين وصل المسعفون وجدوا جثثا ممزقة بسبب الانفجارات.
وصف رئيس وزراء دولة الاحتلال - بنيامين نتنياهو ما حدث بـ"استهداف غير مقصود" فيما اعتبر هرتسي هاليفي - رئيس أركان الجيش، ما حدث "خطأ في التعرف على الهوية" لكن أكثر من عبّر فعلا عن حقيقة موقف الدولة العبرية من الهجوم وزير الاقتصاد الإسرائيلي - نير بركات الذي اعتبر مقتل عمال الإغاثة والمدنيين "جزءا من الحرب" وكذلك السفير الإسرائيلي في وارسو الذي رفض، خلال مقابلة، الاعتذار عن الحادث رغم تكرار الطلب منه، وقام كالعادة، باتهام البولنديين بـ«معاداة السامية».
الطاهي الاسباني ـ الأمريكي خوسيه أندريس مؤسس المنظمة كشف أن العملية كانت "هجوما مباشراََ على مركبات ذات علامات واضحة، وكانت تحركاتها معروفة للجميع في الجيش الإسرائيلي" وأن الحادث لم يكن بسبب "سوء الحظ أو إسقاط القنبلة في المكان الخطأ" فيما وضعت الرئيسة التنفيذية للمنظمة - إيرين جور، اصبعها على السبب الحقيقي للمقتلة لكونها ليست هجوما على "وورلد سنترال كيتشن فحسب؛ وإنما على المنظمات الإنسانية التي تظهر في أسوأ المواقف حيث يستخدم الغذاء كسلاح حرب".
يُفهم الأمر إذن ضمن العملية الإسرائيلية الأكبر في قطاع غزة والتي تستخدم المجاعة كسلاح لتحقيق أهدافها العسكرية. قبل الهجوم بأيام كان "المطبخ العالمي" يستعد لتسليم 400 طن من المساعدات لأهالي غزة، وبعد المجزرة التي حاقت بموظفيه أوقف إيصال المساعدات.
بعد العمل على استئصال "الأونروا" والخنق الممنهج لشمال غزة والهندسة القائمة للتجويع في كل القطاع: بلغت "إسرائيل" حدا من التوحّش لم تعد فيه قادرة على الاكتفاء بقتل الفلسطينيين، وبمنع مؤسسات الإغاثة الأممية والدولية من مساعدتهم، فالتهمت، في وجبة القتل الأخيرة، موظفي الإغاثة البديلة (المطبخ العالمي) وهي منظمة أمريكية ـ دولية، لتؤكد لحلفائها، كما لخصومها ... أنها دولة خارج القانون.