مقالات
نهاية قريبة ام حرب طويلة المدى؟
هند محمد أبو مغصيب – قطاع غزة
لا تزال الحرب في غزة مستمرة، مع عدم وجود مؤشرات واضحة على قرب انتهائها، وعلى الرغم من الضغوط الدولية والمبادرات الدبلوماسية، فإن العمليات العسكرية والاشتباكات بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية مستمرة.
صرح مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي: بأن الحرب ضد حماس قد تستمر "سبعة أشهر أخرى" لتحقيق هدف "القضاء" على المقاومة الفلسطينية، مما يشير إلى إمكانية استمرار الصراع حتى نهاية عام 2024.
في 1 يناير 2025، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية افتتاحية تحث فيها على إنهاء الحرب في غزة، مشيرة إلى أن استمرارها يكلف إسرائيل ثمناً باهظاً في الأرواح ويؤدي إلى أزمة إنسانية متفاقمة في القطاع.
على الرغم من هذه التصريحات، لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو تسوية سياسية حتى الآن، وتستمر الجهود الدبلوماسية من قبل جهات دولية وإقليمية، لكن التقدم محدود بسبب تعقيدات الوضع والمطالب المتبادلة بين الأطراف المعنية.
رغم المحاولات المتكررة للتوصل إلى تهدئة أو صفقة تبادل أسرى، إلا أن هناك عدة أسباب جوهرية تعيق تحقيق أي تفاهم بين الطرفين، منها الفجوة الكبيرة في الأهداف: إسرائيل تسعى إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية وفرض السيطرة الكاملة على غزة، بينما حماس تريد رفع الحصار ووقف العدوان واستعادة حقوق الفلسطينيين، الطرفان ينظران إلى أي تفاهم كتنازل، وهذا ما يجعل المفاوضات معقدة جدًا.
من أكبر أسباب تأخر الوصول الى تهدئة غياب الثقة بين الطرفين، هناك عدم ثقة عميقة بين إسرائيل وحماس، بسبب التجارب السابقة من خروقات لوقف إطلاق النار، إسرائيل تخشى أن حماس ستستغل أي تهدئة لتعزيز قوتها العسكرية، وحماس ترى أن إسرائيل لا تلتزم بأي اتفاقات ولا تحترم حقوق الفلسطينيين.
اما الضغوط الدولية والإقليمية، موقف الدول الكبرى من العدوان على غزة، هناك العديد من هذه الدول أبدت دعمًا قويًا لإسرائيل، معتبرةً أن لها الحق في الدفاع عن نفسها. على سبيل المثال، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا عبرت عن دعمها لإسرائيل في مواجهة الهجمات التي تعرضت لها، ومع تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة وارتفاع عدد الضحايا المدنيين، بدأت بعض هذه الدول في تعديل مواقفها، داعيةً إلى ضرورة حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية، هذا التحول في المواقف يعكس الضغوط الداخلية والدولية التي تعرضت لها هذه الدول نتيجة الانتقادات المتزايدة من قبل منظمات حقوق الإنسان والرأي العام العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت العديد من العواصم الأوروبية تظاهرات حاشدة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، مما زاد من الضغوط على الحكومات الأوروبية لإعادة النظر في سياساتها تجاه الصراع.
بالمجمل، يمكن القول إن مواقف الدول الكبرى تجاه الحرب على غزة اتسمت بالتردد والتباين، حيث تراوحت بين الدعم لإسرائيل والدعوات لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية، مما أثار انتقادات واسعة حول فعالية هذه المواقف في إنهاء الصراع وحماية المدنيين.
اما بالنسبة للدول العربية اكتفت بالشجب والتنديد دون اتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان، مما أثار انتقادات واسعة. على سبيل المثال، دول الخليج ساهمت في كسر الحصار الحوثي على باب المندب بنقل الشحنات الموجهة لإسرائيل عبر موانئها، ثم براً عبر السعودية والأردن، هذا التأخر في التحرك العملي جعل الكثيرين يرون أن دور الجامعة العربية كان سلبيًا وغير مؤثر في وقف العدوان، لأن الدول العربية منقسمة في مواقفها، وبعضها يتجنب الضغط العلني على إسرائيل بسبب مصالح مشتركة، وفي المقابل، دول مثل: مصر وقطر تحاول التوسط، لكنها تواجه صعوبات بسبب شروط الطرفين المتناقضة.
بالنسبة لأهم معضلة وهو ملف الأسرى والمحتجزين: هو أحد أبرز العقبات التي لم يتم الاتفاق عليها الى وقتنا هذا، إسرائيل تريد استعادة جنودها دون تقديم تنازلات كبيرة، وحماس تطالب بالإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل أي صفقة.
بالإضافة الى الحسابات السياسية الداخلية: في إسرائيل نتنياهو يواجه أزمة سياسية داخلية، ويريد تحقيق إنجاز عسكري لتقوية موقفه، أي تنازل قد يُفسَّر كضعف أمام المقاومة الفلسطينية، أما في غزة: حماس تواجه تحديات إنسانية واقتصادية، لكنها تريد الحفاظ على شرعيتها في مواجهة الاحتلال.
تعقيد الميدان العسكري: الحرب الحالية ليست تقليدية، بل هي حرب مدن وأنفاق وصواريخ، ما يجعل الصراع العسكري أكثر تعقيدًا ويُصعّب الوصول إلى هدنة دائمة.
هل يمكن تحقيق تفاهم قريب؟
صعب جدًا في الوقت الراهن، إلا إذا حصل تغيير جذري في المعادلة السياسية أو حدثت ضغوط دولية قوية على إسرائيل، وهو أمر غير مرجح في الوقت الحالي.
في ظل هذه الظروف، يبقى الوضع الإنساني في غزة متدهوراً، مع تزايد الحاجة إلى مساعدات إنسانية وجهود لإعادة الإعمار. ومع ذلك، فإن استمرار العمليات العسكرية يعرقل تقديم المساعدات ويزيد من معاناة السكان المدنيين.
هل من الممكن إنهاء الحرب في غزة؟
إنهاء الحرب في غزة يعتمد على عدة عوامل معقدة، منها الأهداف السياسية والعسكرية للطرفين: حماس تريد إنهاء الحصار ورفع معاناة الفلسطينيين، بينما حكومة الاحتلال تسعى لإضعاف المقاومة وفرض سيطرتها الأمنية.
الدور الدولي والإقليمي: هناك ضغوط من الدول الكبرى (مثل أمريكا) وأطراف عربية للتوصل إلى تهدئة، لكن المصالح المتضاربة تعيق ذلك.
الشارع الإسرائيلي والفلسطيني: الشارع الفلسطيني صامد رغم المعاناة، بينما في إسرائيل هناك غضب شعبي بسبب أزمة الأسرى وارتفاع الخسائر.
قد يكون هناك مبادرات للتهدئة وتحركات دبلوماسية من مصر وقطر وتركيا لمحاولة وقف إطلاق النار، ولكن حتى الآن، لم تحقق اختراقاً حقيقياً بسبب تعنت الطرفين.
اما هي السيناريوهات المحتملة: اما تهدئة مؤقتة عبر صفقة تبادل أسرى أو وقف إطلاق نار إنساني مؤقت.
أو حرب طويلة الأمد إذا استمرت إسرائيل في رفض التفاهمات، فقد يطول الصراع لأسابيع أو حتى أشهر.
بالنسبة لحل شامل على المدى البعيد: وهذا يتطلب إرادة سياسية من القوى الكبرى، وهو أمر صعب بسبب التوترات الإقليمية.
السلام الحقيقي مستحيل بدون إنهاء الاحتلال وإعادة حقوق الفلسطينيين، لكن إذا توافرت الإرادة السياسية، فإن وقف إطلاق النار ممكن ولو بشكل مؤقت.
هل تعتقد أن الحل قريب أم أن الحرب ستطول؟